د. أحمد الفراج
يتواصل الحديث عن المفارقات والطرائف والمفاجآت، حول الرؤساء الذين حكموا أمريكا لأكثر من قرنين، وسنتحدث اليوم عن الرئيس المقعد، الذي يعتبر رئيسا استثنائيا، لأنه الوحيد، الذي فاز بالرئاسة أربع مرات، فجميع رؤساء أمريكا حكموا لفترة واحدة أو فترتين، إلا فرانكلين روزفلت، الذي استطاع أن يكسر القاعدة، التي سنّها أول رئيس أمريكي، أي جورج واشنطن، وهي الاكتفاء بفترتين رئاسيتين، فالدستور الأمريكي لم يحدد المدة، التي يستطيع الرئيس البقاء في الحكم، وقد استغل روزفلت ذلك، على عكس جميع الرؤساء الذين سبقوه، وفاز أربع مرات، في انتخابات 1932 و1936 و1940 و1944، ولم يهنأ بالفترة الأخيرة، فقد توفي بعد الفوز بها بأشهر قليلة، وبالتالي لم يستطع أن يحصد ثمرة جهوده، طوال أكثر من 12 عاما، حكم بها أمريكا، وجدير بالذكر أنه تم إحداث تغيير في الدستور الأمريكي، بعد وفاة روزفلت، وتم قصر فترة حكم الرئيس على فترتين رئاسيتين فقط.
كان روزفلت يطمح بأن يشهد نهاية الحرب العالمية الثانية، فهو الذي قرّر دخول أمريكا في الحرب، وهو القرار، الذي رسّخ أمريكا كقوة عالمية. هذا، ولكنه رحل قبل ذلك، فصار نائبه هو بطل الحرب، ولم يمنع ذلك من تصنيف المؤرخين له كواحد من أفضل ثلاثة رؤساء، وهو الشرف، الذي حصل عليه لسببين، أولهما هو أن عهده صادف فترة الأزمة الاقتصادية الكبرى، أو ما يُسمى «الكساد الكبير»، وهي فترة كالحة في التاريخ الأمريكي، وقد تصدت لها إدارة روزفلت بما يطلق عليه «العهد الجديد» أو «الإصلاح»، وثانيهما، أن روزفلت هو الذي أعلن دخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الثانية، وذلك بعد ضرب اليابان لميناء بيرل هاربر الأمريكي، ووفاة عدد كبير من العسكريين الأمريكيين، والطريف في أمر روزفلت، الذي ينتمي لأسرة روزفلت النيويوركية الاستقراطية العريقة، هو أنه كان مصاباً بمرض شلل الأطفال، ولأنه حكم قبل عصر التلفزيون، فقد استطاع إخفاء هذه الحقيقة عن الشعب الأمريكي، خلال فترة رئاسته الطويلة، فقد كان مساعدوه يتفننون في إظهاره بالشكل اللائق أمام الجماهير، بحيث يبدو طبيعياً، أما الخُطب، فقد كان يلقيها في الراديو، وتميز بجهورية وقوة الصوت، والخلاصة هي أن هذا السياسي حكم أمريكا لفترة طويلة، دون أن يعلم الشعب أنه حكمهم من على كرسيه المتحرك!.