خالد بن عبدالكريم الجاسر
تتناغم الكلمات دلالاً فوق سطور التاريخ، تنصهر فتذوب وداً لبيعة وطن، تتحول فيه أبجدية الولاء إلى لُغة ذات سيمفونية وطنية، أنغامها تلاحم الصف السعودي حول أغلى مُناسبة، تحمل دلالات ومعانِ، في بحور اللُغة، يُستنبط منها كثير من الجمل، بعيداً عن جغرافيته، ليذهب إلى ما هو أبعد وأعمق من التاريخ، وهي لغة الذات والروح وحياة النفس وحبور المشاعر ونفحات السعادة والصفاء، لكل إنسان نبت عوده على ثرى الوطن، ليأخذه الحنين كلما ابتعد عنه شوقاً في دواخلنا، نلمسه في حركاتنا وسكناتنا، لما حبانا الله به.. أرضاً طيبة مباركة، كانت مهداً للرسالة، وموئلا للُغة وقبلة للمسلمين، وشَرفها المُتعالي بخدمة الحرمين الشريفين والحاج والمعتمر والزائر في ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين حتى صارت المملكة مركزاً للعالم العربي والإسلامي، ومحوراً رئيساً في اقتصاديات العالم، ومنارة ثقافية في جبين الحضارة العالمية، ليكون «الوطن» قُرة عين ونبض فؤاد لكل مواطن وزائر، يُفاخر بما أولته حكومتنا من جهود في سبيل رفعة وعزة الوطن، ليقف المواطن مردداً بزهو وشموخ: «عاش المليك للعلم الوطن»، بذكرى بيعة نسعد بها، ضاربين بذلك أروع الأمثلة في الولاء والوفاء والعطاء.
إنها الخامسة: فحكمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- كانت بمثابة ميزان ضبط لتعامل المملكة العربية السعودية مع الأحداث الإقليمية والعالمية، في ظل قفزاتها المتتابعة، وسط التحولات والتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية، فأسهمت سياسته الحكيمة المُعتدلة على ثبات الموقع الريادي للمملكة على الصعيد الدولي، وتبوأ مراكز عالمية في العديد من المؤشرات، كما أسهمت في دعم الرؤية العربية والإسلامية إزاء القضايا الإقليمية، ورأب الصدع ولم الشمل، والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
إنها الخامسة: لمُنجزات عرفناه فيها قارئًا، مُتبحرًا في العلوم، وعهدناه حازمًا، بلا إفراط أو تفريط، عازماً لملأ عالمهِ بصفحات يشهد لها التاريخ البشري، لتحقيق الاستقرار العالمي وتقديم الدعم والرعاية للدول المجاورة كحماية اليمن من الإرهاب الحوثي، والدعم اللا محدود لقضايا المسلمين في المحافل الدولية ورعايتها لمنظمة العالم الإسلامي التي أسستها واحتفت بها في عيدها الخمسين برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وتقديم 200 مليون دولار لفلسطين، وعقد كبريات القمم والمؤتمرات، بل وصاحبة العديد من المبادرات التي وصلت إلى وتعزيز العلاقات مع دول الجوار مثل مصر وهي من أهم العلاقات نظراً للمكانة الكبيرة التي تتمتع بها، بل وكانت لجولات الملك دور كبير في توقيع العديد من الاتفاقات في مختلف المجالات، وتأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وتأسيس كيان البحر الأحمر بين 7 دول وغيرهم.
إنها الخامسة: لتكون مفتاح السر لتكاتف العالم حول مواقف المملكة الدولية، في ردع الأصوات الناعقة التي تُحاول النيل منها، بالتصدي لكافة أشكال العدوان والميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران بؤرة الصديد في جسد الوطن العربي بتدخلاتها، باعتداءات إرهابية وصلت المملكة التي تعرضت لـ286 صاروخاً بالستياً و289 طائرة مسيرة، ناهيك عن تطاولها على أبرياء اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرهم من دول العروبة، حتى بُترت أذرُعها في المملكة ومصر.
إنها الخامسة: بتنوع الإنجازات المحلية، فلم يغب الشعب والاهتمام به طيلة السنوات الماضية وحصلت نقلة نوعية في عدد من المجالات أبرزها تدشين الملك سلمان لمشروع الدرعية الأخير بقيمة 64 مليار ريال، ليُصبح وجهة سياحية عالمية وإطلاق وإعلان عدد من المشروعات، منها نيوم والممتد للمرة الأولى بين 3 دول، هي السعودية ومصر والأردن وإعادة تطوير الواجهة البحرية في وسط كورنيش مدينة جدة ومشروع القدّية وقطار الحرمين السريع في جدة وإطلاق قمرين للتصوير عالي الدقة وتأسيس كيان البحر الأحمر بين 7 دول وتدشين عدد من المشروعات التنموية والتعدينية والصناعية، بلغت نحو 1.318 مشروعاً، بقيمة تجاوزت 141 مليار ريال، ومن أبرزها مشروع «وعد الشمال»، إضافة إلى العديد من الإصلاحات المالية والإدارية وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، بعد حملة مكافحة الفساد، إضافةً إلى دور المرأة في عالمها المجتمعي وتولي مناصب عليا، والترشح لانتخابات المجالس البلدية والقيادة والمشاركة في المبايعة، لتأتي المملكة بزخم عالمي عبر فعاليات ومواسم ترفيهية.
إنها الخامسة: نحتفي في مثل هذا اليوم فرحًا، ونتحدث عنه بما يستحق، لنرى وعوداً سبقتها أفعال بعزائم لا تلين في ذكرى بيعة خامسة نحمد الله فيها على ما تحقق من إنجازات تنموية ضخمة في عهد ملك الإنسانية بوطنية سكنت أفئدتنا، عمراً في خدمتنا بما رسمهُ مُنذ أن كان أميراً ووزيراً وولياً للعهد، إلى أن أصبح ملكاً للبلاد، لا يعرف للاستكانة سبيلاً ولا للتوقف مكانًا -أطال الله عُمره-.