د.سعد جمعان عبدالله المالكي
الخطوة الأولى والأساسية لأي عملية تنمية أو تطوير أو تشخيص أو معالجة أو إدارة أو غير ذلك هي الإحصاء، فالإحصاء هو عملية متكاملة تبدأ بتحديد المشكلة وتنتهي باتخاذ القرارات ووضع السياسات، وبدون عملية إحصائية متكاملة فإن مصير أي مشروع مهدد بنسبة فشل كبيرة جداً، بل إن الفشل قد يكون نتيجة حتمية.
اعتمدت رؤية المملكة 2030 على الإحصاء بشكل أساسي، حيث اعتمدت على عدد من الأهداف الإستراتيجية المحددة لكل وزارة ومؤشرات قياس الأداء، حيث تم تحديد الوضع الحالي رقمياً لكل هدف وتم كذلك تحديد الرقم المستهدف لعام 2020 والهدف البعيد لعام 2030، ومعظم مؤشرات الأداء هي متوسطات حسابية، كمتوسط دخل الفرد أو نسب مئوية كنسبة الأمية أو أرقام كعدد سنوات الانتظار للحصول على سكن أو غير ذلك من المؤشرات. وبالتالي فإن هذه الرؤية الطموحة اعتمدت على الرقم وكل ذلك لا بد أن يعتمد على أساس إحصائي وحسن إدارة للبيانات مع مستوى جودة عال ودقة متناهية في جمع وربط ومعالجة البيانات للحصول على تقارير إحصائية دقيقة تخدم تحقيق الرؤية.
ويتطلب تحقيق ذلك وجود مرصد للإحصاءات سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الجهات المستهدفة، وسياسة معلنة للبيانات مع ضرورة إعادة تأهيل بعض قواعد البيانات التي تعاني بعض الجهات من عدة مشاكل تجعل الاعتماد عليها مستحيلاً وهذه المشاكل ناتجة عن عدد من الممارسات الخاطئة سواءً في مرحلة تأسيس قواعد البيانات أو أثناء تشغيلها، وإحدى أهم مشاكل قواعد البيانات هي عدم إشراك الإحصائيين في مرحلة مبكرة من التأسيس، وكذلك يعتبر عدم تنظيف البيانات وتجهيزها أحد المعوقات في الحصول على تقارير وإحصاءات دقيقة. كما أن أحد أهم المعوقات هي تعدد قواعد البيانات وتعدد مدخلي البيانات لدى بعض الوزارات والجهات الحكومية مع عدم ربط هذه القواعد.
أي خلل، ولو بسيطاً، في أي مرحلة من مراحل إدارة البيانات سيولّد وبلا شك تقارير إحصائية خاطئة وبالتالي قرارات غير صحيحة غالباً، لذا فيجب التأكد من التأسيس الجيد لقواعد البيانات ومعالجتها وتجهيزها والربط بين قواعد البيانات أو توحيدها ومن ثم بناء مستودعات البيانات لإضافة التحاليل الإحصاءات اللازمة بهدف استخلاص الإحصاءات المطلوبة والتقارير المستهدفة، ونستطيع القول وببساطة، إحصاءات خاطئة أو رقم خاطئ يعني مؤشر أداء خاطئاً وبالتالي مؤشر مضلل يعيق الرؤية ويعطل التنمية.
وزارة التعليم هي من أهم الوزارات المستهدفة ضمن رؤية المملكة 2030، ولديها كوادر مؤهلة وخطة رائدة ومبادرات واعدة لتحقيق، بإذن الله تعالى، الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية رؤية 2030، ورغم ما بذل ويبذل من قبل وزارة التعليم في مجال إحصاءات التعليم إلا أن الوضع يتم النظر فيه من قبل المسؤولين نظرة جادة للتطوير والتحسين، بل يعد من أهم الخطط الإستراتيجية لدى الوزارة.
وتعاني البيانات التعليمية من شح كبير وتعدد في المصادر وعدم وضوح في سياسة البيانات الخاصة في التعليم في بعض الجوانب الخاصة بالجمع والحفظ والبحث والنشر وغير ذلك مما يتطلب وضع سياسة واضحة ومعلنة ويتم إقرارها على المستوى الوطني وتعتبر هذه الخطوة من أولى الخطوات في إدارة وتحليل البيانات الوطنية والتي تعاني من إهمال كبير جداً في السابق.
وكما نعلم، فإن الخطأ البسيط في أي إحصائية خاصة بالتعليم غير مقبول بأي حال من الأحوال ليس فقط على مستوى الوزارة، بل على المستوى الوطني، فمن غير المقبول مثلاً الخطأ في نسبة التحاق الطلاب ممن هم في سن الدراسة النظامية بالصف الأول الابتدائي، أو حتى الشك فيها، بل يجب أن تكون مؤكدة وذات دقة مطلقة، وعدم الدقة في أعداد الأطفال ممن هم في سن الدراسة أو الخطأ في عدد الطلاب المسجلين في الصف الأول سينتج نسبة خاطئة تكون نتيجتها تأخر في ترتيب المملكة في التعليم عالمياً، كذلك الحال في نسبة الأمية أو غيرها من المؤشرات المهمة. نسبة الأمية، وأعدد الطلاب المسجلين من الذكور والإناث في مختلف المراحل الدراسية المختلفة، ومرحلة رياض الأطفال، ونسب وأعداد التسرّب في مراحل التعليم، وأعداد المعلمين والمعلمات حسب المراحل التعليمية المختلفة وأجورهم وخبراتهم، والإحصاءات الخاصة بالدراسات الجامعية والدراسات العليا، ونسب الجريمة والسلامة في الحقل التعليمي، ومؤشرات جودة مخرجات التعليم وتكلفة الطالب في مراحل التعليم العام والجامعي والتقني وغيرها من الإحصاءات التي يجب أن تتوفر لدى الجهة المسؤولة عن التعليم بشكل فوري وبدقة عالية وبتحديث مستمر، كما يجب أن تكون متاحة للباحثين والمهتمين بالشأن التعليمي ولأولياء الأمور وغيرهم ولو بشكل جزئي.
وبالتالي فوجود مرصد وطني لإحصاءات التعليم يعد خطوة أساسية لا بد من البدء بها فوراً، والاستفادة مما هو متاح من بيانات وقواعد بيانات لإنشاء هذا المرصد مع ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال. ويعتبر المركز الوطني لإحصاءات التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأقدم المراكز في العالم ونستعرض فيما يلي أهم ملامح هذا المركز.
المركز الوطني الأمريكي لإحصاءات
التعليم NCES
أُنشئ المركز الوطني الأمريكي لإحصاءات التعليم NCES منذ إنشاء أول وزارة فدرالية للتعليم وذلك عام 1867م (أي قبل أكثر من 150 سنة) والذي يشرف ويباشر جمع وتحليل بيانات التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية ويقوم بإعداد تقرير سنوي للكنغرس يتم عرضه في الأول من يونيو من كل عام، ويعتبر المركز هو المصدر الأول والأساسي والمتكامل لبيانات التعليم ذات الجودة العالية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتم تحديث هذه البيانات على مدار العام، ويعمل المركز على جمع وتحليل ونشر البيانات التي تصف وضع وتقدم التعليم في أمريكا. كما يعمل على تطوير وتوسيع الأدوات الإحصائية التي تحقق رسالة المركز.
ويقدم المركز بيانات متعددة حول موضوعات التعليم المختلفة مثل الطفولة المبكرة والتعليم في 12 مرحلة من مراحل التعليم المختلفة، والتقييمات الأكاديمية، والتعليم ما بعد الثانوي، وتعليم الكبار، وبيانات القوى العاملة، والمقارنات الدولية وغير ذلك.
كما يقوم NCES بابتكارات رائدة في العديد من المجالات الخاصة ببيانات التعليم، مثل تجميع البيانات الرقمية، وتصميم الدراسات الاستقصائية المرنة، ورسم الخرائط التفاعلية، ويجمع المركز NCES المعلومات من خلال العديد من الاستطلاعات والتقييمات والمصادر الإدارية والدراسات، كما يُجري المركز أبحاثًا مهمة، ويضم عدداً من أدوات البيانات، ويوفر خدمات مثل المساعدة التقنية للشركاء المحليين، ويُنتج مجموعة واسعة من المنشورات كل عام.
وتستخدم إحصاءات وتقارير NCES لأغراض عديدة ومختلفة ومن قبل عدة جهات، مثل واضعي السياسات والباحثين والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب ووسائل الإعلام.
كما تستخدم أدوات وتقارير المركز NCES من قبل الدولة لتطوير البرامج وتخصيص الموارد وإيجاد المدارس والبقاء على اطلاع على أحدث الاتجاهات في مجال التعليم.
يقوم المركز بنشر العديد من التقارير الرئيسية السنوية، بما في ذلك:
- ملخص إحصاءات التعليم: وهي مجموعة من البيانات التي تغطي معظم موضوعات التعليم عبر نطاق واسع في الولايات المتحدة في جميع المراحل ابتداءً مرحلة الطفولة المبكرة إلى الدراسات العليا، وتُستخلص هذه البيانات من مصادر متعددة وتستند على عدد كبير من المسوحات الإحصائية التي يقوم بها المركز. ويحتوي التقرير على مجموعة مختارة ومتنوعة من المعلومات في مجالات التعليم المختلفة سواءً الحكومي أو الخاص بما في ذلك أعداد المدارس والكليات وبيانات المعلمين والخريجين والإنفاق الحكومي والمكتبات والتعليم الدولي وغيرها.
- وضع التعليم: من أهم التقارير الرئيسية التي يقدمها المركز NCES لوصف حالة التعليم وتلخيص التطورات والاتجاهات التعليمية المهمة في الولايات المتحدة كل عام، ويقدم NCES هذا التقرير إلى الكونغرس ويشمل العديد من المؤشرات التعليمية والاقتصادية من مصادر بيانات مختلفة، ويصف كل مؤشر موضوعًا محددًا مع أرقام دقيقة ورسومات بيانية، وتوفر هذه المؤشرات معلومات حول التعليم من مرحلة الطفولة المبكرة إلى ما بعد الثانوي، ونتائج الأيدي العاملة، ومقارنات دولية. ويعتبر التقرير مصدرًا متكاملاً لبيانات التعليم ويتم تحديثها بانتظام على مدار العام عند توفر بيانات جديدة.
- وضع واتجاهات التعليم لدى المجموعات العرقية: أحد التقارير الرئيسة والمهمة التي يقدمها المركز سنوياً عن وضع واتجاهات التعليم والتقدم التعليمي لدى الطلاب في الولايات المتحدة الأمريكية حسب العرق، ويضم التقرير عدداً من المؤشرات في هذا الصدد وتشمل المؤشرات المستهدفة نسب الالتحاق بالتعليم والتركيبة السكانية وأداء وسلوكيات الطلاب المستهدفين والتعليم العالي وجودة مخرجات التعليم وغيرها.
- توقعات التعليم المستقبلية: يقدم مركز إحصاءات التعليم بشكل دوري دراسات حول توقعات التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية معتمدةً أساليب إحصائية متعددة، وآخر هذه الدراسات تقرير توقعات التعليم حتى 2027، وهو التقرير السادس والأربعون من سلسة تقارير بدأت منذ العام 1964، ويقدم هذا التقرير توقعات حول العديد من القضايا التعليمية وما يتعلق بها وتشمل توقعات الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية والتعليم الجامعي وتوقعات حول الخريجين في المراحل المختلفة حتى العام 2027، بالإضافة إلى هذه التوقعات يقدم التقرير بيانات على المستوى الوطني حول التسجيل والمعلمين والخريجين والإنفاق على التعليم ودرجات الطلاب على مدار الخمسة عشر عام الماضية.
- مؤشرات الجريمة والسلامة المدرسية: يقدم هذا التقريرعدداً من المؤشرات عن الجريمة والسلامة في المدرسة ويبلغ عدد المؤشرات اثنين وعشرين مؤشراً للجريمة والسلامة في البيئة المدرسية، ويغطي عدد من القضايا المهمة وتشمل جرائم الكراهية والوفيات في المدرسة جراء العنف سواءً كان المجنى عليهم من الطلاب أو العاملين في التعليم والإيذاء وإصابة المعلمين والجرائم الإلكترونية، والمشاجرات، والأسلحة، واستخدام المخدرات والكحول وتداولها، والسلامة الشخصية في المدرسة، والحوادث الجنائية في مؤسسات ما بعد المرحلة الثانوية ويتم مقارنة مؤشرات الجريمة والسلامة بين الولايات والمقاطعات المختلفة ودراسة تأثير مرور الزمن على ذلك، كما يتم مقارنة بيانات الجريمة المدرسية مع مثيلاتها مما يحدث خارج المدرسة. ويشمل التقرير مؤشرات عن تصورات الطلاب عن السلامة المدرسية ومؤشرات عن توافر عناصر الأمن والسلامة في المدرسة.
- التسرّب ومعدلات إتمام الثانوية العامة في الولايات المتحدة: يقدم هذا التقرير بيانات التسرّب ومعدلات إتمام المرحلة في كل عام دراسي، كما يدرس خصائص المتسرِّبين ومتمي المرحلة الثانوية. ويقدم التقرير خمسة معدلات مختلفة لتشكيل نظرة شمولية وواسعة حول المتسرّبين من التعليم الثانوي في الولايات المتحدة وهذه المعدلات هي: معدل التسرّب العام، ومعدل التسرّب حسب الحالة، ومعدل إتمام المرحلة، ومعدلان آخران يقيس نسبة التخرّج حسب سنوات الدراسة، ويوفر التقرير أيضًا معلومات حول الأفراد الذين أتموا مؤهلات اعتماد بديلة عن المرحلة الثانوية.
بالإضافة إلى التقارير الأساسية التي يقدمها المركر، يقوم ويشرف المركز الوطني لإحصاءات التعليم بالولايات المتحدة الأمريكية (NCES) على عدد كبير جداً من المشاريع الإحصائية الخاصة بالتعليم وينفذ عدداً من المسوحات والدراسات في هذا الصدد ونستعرض بإيجاز ومن خلال الموقع الرسمي للمركز على الإنترنت بعض هذه المشاريع الوطنية:
أولاً: التقييم الوطني لسير العملية التعليمية (NAEP)
يعد التقييم الوطني لسير العملية التعليمية (NAEP)، أحد أهم وأكبر المشاريع الوطنية التي تقوم بها المركز ويعد أكبر تقييم وطني مستمر للمعرفة المكتسبة من قبل الطلاب الأمريكيين وما يتقنونه في مجالات متعدِّدة تشمل الرياضيات والعلوم والقراءة والكتابة والاقتصاد والتاريخ الأمريكي وغير ذلك وتشمل المدارس الخاصة والحكومية. ويتم تطبيقه على طلاب الصف الرابع والصف الثامن والصف الثاني عشر، ويعود بداية تطبيق هذا التقييم من قبل (NCES) إلى عام 1964 ، حيث تم تطبيق أول تقيم وطني على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويوجد نوعان من هذا التقييم:
1- التقييم الرئيسي.
2- التقييم على المدى الطويل.
واختلاف النوعين يحقق هدفين رئيسين وهما تقيم الوضع الحالي للطلاب من خلال النوع الأول وكذلك قياس مدى تقدم الطلاب بمرور الوقت من خلال النوع الثاني في ظل تغيّر أولويات العملية التعليمية.
ويتم إعلان نتائج التقييم بشكل عام لمجموعات الطلاب كالجنس وموقع المدرسة والولاية وليس للطلاب كأفراد، والنتائج الوطنية متاحة لجميع المواضيع التي تم تقيميها سواء على مستوى الولاية أو غيره. كما يقوم NAEP بكتابة تقارير إحصائية عن أداء الطلاب والعوامل المرتبطة بالأداء التعليمي.
ثانياً: التقييم الوطني لمحو الأمية لدى البالغين (NAAL)
أحد أهم المشاريع الوطنية التي يقدّمها المركز الوطني لإحصاءات بشكل مستمر هو التقييم الوطني لمحو الأمية لدى البالغين هو تقيم وطني لمحو الأمية لدي البالغين لقياس الأمية لدى البالغين منذ عام 1992 وهو لا يوفر فقط معلومات حول القراءة والكتابة لدى البالغين فحسب، بل أيضاً يوفر معلومات عن خصائص وسمات عينة التقييم والتي يهتم بها كثير من الباحثين وصانعي ومتخذي القرارات.
ثالثاً: معايير بيانات التعليم المشتركة (NEDS)
يقوم المركز الوطني لإحصاءات التعليم على وضع معايير محددة لمشاركة بيانات التعليم وذلك بمساعدة أصحاب المصلحة ومتخذي القرارات وذلك لدعم التبادل الفعّال للبيانات داخل وبين الولايات المختلفة، وتضم مجموعة أصحاب المصلحة ممثلين من الولايات والمقاطعات المختلفة ومؤسسات التعليم العالي ووكالات التعليم العالي وعدد من منظمات الطفولة المبكرة وجهات التعليم وبعض المنظمات غير الربحية.
ويعد مشروع معايير بيانات التعليم المشتركة جهداً تطوعياً من قبل الأطراف المشاركة للمركز له أثر كبير في تبادل البيانات التعليمية لعمل الدراسات والمقارنات المختلفة على مستوى الولايات والمقاطعات المختلفة ومنظمات التعليم العالي.
رابعاً: المنتدي الوطني لإحصاءات التعليم (NFES)
قام المركز الوطني لإحصاءات التعليم بإنشاء المنتدى الوطني لإحصاءات التعليم؛ وهو عبارة عن هيئة منظمة تطوعية اتحادية ديمقراطية وتشاركية وتعاونية مهنتها الأساسية التخطيط والتطوير ووضع التوصيات حول مصادر بيانات التعليم لدعم وتوحيد الجهود الوطنية لتحسين التعليم العام والخاص في جميع أنحاء الولاية.
كما أن أحد أهم الأهداف لإنشاء هذا المنتدى هو تحسين طرق جميع بيانات التعليم وإعداد التقارير الخاصة بها كما يتناول المنتدى عدداً من القضايا والموضوعات ذات الصلة ببيانات التعليم ويدعم الابتكارات في مجال جمع البيانات لتحسين أنظمة البيانات المحلية ويصدر عن المنتدى عدد من المنشورات وجميع المنشورات والصادر الخاصة بالمنتدى متاحة بشكل مجاني كم أن هذه المنشورات لا تخضع لسلطة المركز الوطني لإحصاء التعليم ولا تمثّل بالضرورة سياسة أو وجهات نظر المركز ولا وزارات التعليم الأمريكية.
خامساً: برنامج الدراسات الطولية للطفولة المبكرة (ECLS)
بالاشتراك مع بعض الوكالات والمنظمات الاتحادية الأخرى يرعى المركز الوطني لإحصاءات التعليم برنامج الدراسات الطولية للطفولة المبكرة (ECLS)، وتعد الدراسات الطولية أحد أهم أساليب تصميم البحوث والهادف إلى دراسة تأثير عدد من العوامل والمتغيرات وذلك بقياسها وملاحظتها بشكل متكرر خلال فترة زمنية معينة وعادة ما يستخدم هذا النوع من الدراسات للفترات الزمنية الطويلة نسبياً. وتمكِّن مثل هذه الدراسات الباحثين على اكتشاف التطور والتغير سواء في السلوك أو المعرفة خلال فترة زمنية للفئة المستهدفة.
ويتضمن برنامج الدراسات الطولية للطفولة المبكرة (ECLS) ثلاث دراسات طولية في هذا المجال وهي دراسة واختبار تطور الطفل ودراسة الاستعداد المدرسي لدى الأطفال وكذلك الخبرات المدرسية المبكرة.
كما يوفر البرنامج بيانات وطنية حول أوضاع الأطفال عن الولادة وعند مراحل لاحقة مختلفة بعد الولادة، ويقدم البرنامج بيانات التحولات لدى الأطفال ممن يحضون برعاية غير الوالدين، كما يقدم بيانات وطنية حول برامج التعليم المبكر والمدرسة والخبرات المكتسبة لدى الأطفال، وكذلك بيانات حول المتغيّرات الناتجة حتى الصف الثامن.
سادساً: التعليم المنزلي
يشرف المركز ويقدم البرنامج الوطني لمستويات التعليم المنزلي (NHES) الذي يقدم بيانات وصفية عن الأنشطة التعليمة لسكان الولايات المتحدة الأمريكية كم يوفر للباحثين وصنَّاع القرار وواضعي السياسات إحصاءات متعددة حول حالة التعليم في الولايات المتحدة.
وتغطي المسوحات الإحصائية التي يقدمها المشروع جميع الأعمار من سن الطفولة المبكرة إلى سن البلوغ، وقدّم المشروع في عام 2016 ثلاث دراسات استقصائية شملت مشاركة الوالدين والأسرة في التعليم والمشاركة في برنامج الطفولة المبكرة، وكذلك تدريب وتعليم الكبار.
ويقوم المشروع في عام 2019 بمسوحات إحصائية وهي مسح مشاركة الآباء والأسرة في التعليم ومسح مشاركة الطفولة المبكرة.
سابعاً: برنامج الأنشطة الدولية (IAP)
يقوم المركز الوطني لإحصاءات التعليم في الولايات الأمريكية (NCES)، منذ أواخر الثمانينات الميلادية، بالإشراف على الدراسات الدولية حول التعليم وقام المركز بالعديد من الدراسات التي تقارن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة وأداء الطلاب وتدريب المعلمين وكذلك المهارات التعليمية لدى الكبار.
وتقدم هذه الدراسات والمقارنات الدولية معلومات عن المعايير والممارسات الدولية في مجال التعليم ومقارنة أداء الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأخرى.
كما تقوم هذه الدراسات بفهم أعمق لدى الاختلاف والتباين في التعليم حول العالم، وتستنتج هذه الدراسات ما الذي يمكن أن تتعلّمه من الآخرين؟ وهل يمكن أن يتم تكييف بعض الأنظمة والممارسات الناجحة في الدول الأخرى مع الولايات المتحدة؟ وتشمل هذه الدراسات مختلف الفئات العمرية والمجلات التعليمية.
كما أن المركز يقدم العديد من الخدمات الأخرى ويشرف وينظم عدداً من المؤتمرات السنوية والبرامج التدريبية، ويضم عدداً كبيراً من الخبراء في مختلف المجالات.
التطلعات والحاجة في المملكة العربية السعودية
وبالنظر إلى التجربة الطويلة الممتدة لقرن ونصف والكم الهائل من البيانات والمنشورات والمؤشرات والخدمات التي يقدّمها المركز الأمريكي لإحصاءات التعليم، وما هو متاح حالياً في المملكة العربية السعودية في مجال بيانات التعليم وما ننشده من رفع مستوى التعليم؛ لا شك أن الحاجة كبيرة جداً للبدء في إنشاء مركز لإحصاءات التعليم في المملكة العربية السعودية يكون نواته المركز القائم حالياً في وزارة التعليم، الذي شمله مؤخراً التغيير والتطوير من قِبل معالي وزير التعليم الحالي حمد آل الشيخ، ووضع التجربة الأمريكية نموذجاً لذلك مع العمل على الاستفادة من الخبرات الشابة التي تزخر بها المملكة العربية السعودية في مجال الإحصاء وإدارة البيانات ونظم المعلومات، حيث أفرز برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ومبتعثي الجامعات السعودية عدداً كبيراً جداً من الكوادر الرائعة في هذا المجال وحققوا العديد من الإنجازات العالمية والمحلية، يستطيعون -بحول الله - قيادة هذا المركز إلى ما يحقق الطموح ويرفع مستوى التعليم. والدعم السخي الحكومي الذي يُنفق على التحول الرقمي والتقني سيكون له الأثر الأكبر في إنجاح هذا المشروع.
** **
- عميد الدراسات العليا بجامعة الطائف، متخصص في الإحصاء