سعود عبدالعزيز الجنيدل
يقول عالم النفس الشهير فرويد: «لا يؤذي الإنسان أكثر من كبت المشاعر السلبية طويلاً».. وهذا ما يعرفه كثيرون، لذلك تجد أن البعض حاول الخروج من هذا المأزق - والبعض الآخر لا يزال يحاول التملص من هذه الحالة، ولو عن طريق البروفايل، وما أدراك ما البروفايل!
لا أزعم أني « فرويدياً» فهذا بعيد كل البعد عن فني الذي أدعي أني أجيده، لكني في الوقت نفسه لا أحرم نفسي من محاولة تفسير بعض ما تقع عليه عيني، ليبدأ عقلي في التحليل والاستنتاج، وهل من يفعل ذلك أفضل مني في شيء!
نستخدم في وسائل التواصل المختلفة مثل:» واتساب - فيسبوك - إنستجرام... إلخ» كلاماً وصوراً نضعها فيما يسمى « البروفايل»، ولي مع البروفايل وتحليلاته عدة وقفات، مسلطاً عليه « مشرط النقد».
لا يكاد أي شخص يستخدم وسائل التواصل المختلفة ينفك عن شبكة البروفايل، فهذه الشبكة تكشف جوانب من شخصياتنا، ولكي يكون المقال واضحاً سأستشهد بنماذج من الشخصيات وكيفية تعاطيها مع البروفايل:
النموذج الأول:
- يهتم بالبروفايل كثيراً (نصاً - صورة) ما يجعل كل من يرى البروفايل يكتشف جوانب من شخصيته، وقد يكون صاحب البروفايل يقصد ذلك، وقد لا يقصد، لكن اختياره للبروفايل يخبر عن شخصيته حتى لو لم يتسن الالتقاء بصاحبه قط.
النموذج الثاني:
- يحاول التملص والهرب من البروفايل، لذلك تجده لا يضع شيئاً لا صورة ولا كلاماً، ويلتزم - على سبيل المثال - في الواتساب البياض في خانة الصور، ونقطة في موضع النص.
وسأكتفي بهذين النموذجين، لكونهما يحتاجان إلى شرح لكي نفهم شخصيات أصحابهما.
فالنموذج الأول قد يختار صوراً وكلاماً يحث على التفاؤل أو التشاؤم، أو حتى يفسر الحالة النفسية التي يمر بها، فتجد كلاماً يعبر عن الفرح، الضيق، الملل، الحزن... مع صور تدعم المشاعر التي يشعر بها.
وقد يرى أن البروفايل منبراً ونافذة يوصّل من خلالها رسائل معينة لأناس محددين، فهو لا يريد مواجهتهم بشكل مباشر، لعدة أسباب - لا يسمح المجال ولا المقام لتعدادها - لذلك يطبق مقولة العرب» الحر تكفيه الإشارة».
وأما بالنسبة للنموذج الثاني، فلكي لا يقع في حبائل البروفايل، فتجده لا يضع شيئاً، ويخال نفسه بذلك أنه انتصر عليه، مع أن عدم تصميم - إن صح التعبير - البروفايل في حد ذاته قد ينبئ عن شخصية صاحبه، فمثلاً ربما يكون أحد الشخصيات التالية:
كبير سن - شخص لا يستطيع استخدام التقنية إلا في حدود الإرسال والاستقبال- شخص غامض لا يريد كشف شخصيته...
وفي نهاية المطاف تكون النتيجة أن كل من يستخدم وسائل التقنية فهو تحت المجهر، ولا يستطيع بحال من الأحوال إخفاء شخصيته، أو التملص من حبائل البروفايل!
ولعلّ البعض يجد متنفساً من خلال منبر البروفايل، لكيلا يؤذي نفسه من كبت مشاعره السلبية لمدة طويلاً، كما حذر من ذلك « فرويد».
وقديماً قيل «من ألّف فقد استهدف» وأنا أقول من استخدم التقنية فقد كشف نفسه، وحتماً لا مناص من ذلك، وليسمح لي العرب في تحوير مقولتهم التالية:» قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت»، لتصبح دعني أرى «بروفايلك» أخبرك من أنت.