حمّاد السالمي
ما جرى ويجري اليوم في العراق وسورية ولبنان من تظاهرات شعبية ضد القيادات السياسية، وما تشهده اليمن من تخريب وتدمير وتشرذم؛ وكذلك ما تشهده الساحة الإيرانية من مظاهرات صاخبة وإظهار مواقف شعبية معادية لحكم المرشد وزمرة الملالي هناك.. كل ذلك لا يمكن أن يُعزى فقط للفقر والجوع والظلم والحالة الاقتصادية المتردية. هذه نتائج حتمية لسياسات فرضتها مفاهيم الثورة الخمينية منذ أربعين سنة. سياسات تحويلية بدأت بالشعب الإيراني على مختلف قومياته، ثم قفزت سريعًا للجوار العربي المستهدف منذ ما قبل الثورة.
لم يجد الثورجيون الخمينيون وسيلة للسيطرة والتحكم في جوارهم العربي؛ وصولاً إلى بقية الأقطار العربية؛ إلا ركوب موجة المذهب الشيعي، واتخاذ أتباع هذا المذهب من العرب؛ جسورًا لتحقيق أهدافهم، التي هي قومية فارسية أولًا ضد العنصر العربي بالعموم؛ ثم هي سياسية ثانيًا. إن التشيع لم يُعرف بمعناه الشائع اليوم؛ إلا في القرن الخامس عشر الميلادي، على أيدي الصفويين الذين حكموا إيران وأذربيجان وأفغانستان وقتها، فأحلوا المذهب الشيعي رسميًا محل المذهب السني- الشافعي والحنفي- الذي كان سائدًا في إيران ذاتها، وكان لهم دافع سياسي لمجابهة الدولة العثمانية التي تهددهم من الغرب والجنوب.
الأحقاد والضغائن الفارسية القديمة ضد العرب؛ تُبعث من جديد على أيدي الخمينيين ومن تخامن معهم، ليصلوا إلى عواصم عربية كانت حصينة مثل: (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء). يقول وزير الدفاع الإيراني السابق (حسين دهقان) في تصريحات منشورة؛ مصورًا بذلك نشوة النصر الفارسية المعاصرة على العرب: (نحن أسياد المنطقة.. العراق وأفغانستان واليمن وسورية والبحرين ولبنان.. ليذهب العرب إلى صحرائهم كالجرذان، وليحلموا بخالد بن الوليد، لأننا قتلنا فيهم جميع الخوالد، وشكراً لأتباعنا في البلاد العربية، الذين بمساعدتهم سنصحح التاريخ، وشكراً لهم ألف مرة، وسنعود وتعود المدائن من جديد، وعاش العرش الفارسي الجديد)..!
نعم.. يقول الفارسي الصفوي بفم مليان: (شكراً لأتباعنا في البلاد العربية، الذين بمساعدتهم سنصحح التاريخ، وشكراً لهم ألف مرة، وسنعود وتعود المدائن من جديد، وعاش العرش الفارسي الجديد)..! أتباعنا.. أتباع الفرس الصفويين في الأقطار العربية..! هم شيعة العرب كما قال بهذا ويقول الفرس أنفسهم. ومع أننا لا نظن ولا نجزم أن كل شيعة العرب هم أذناب وأتباع للصفوية الخمينية، التي تعمل على قتل العرب وتخريب ديارهم؛ إلا أن البعض الآخر الذين هم أتباع كما أراد لهم أسيادهم الفرس؛ نجحوا بكل نذالة وخساسة- عندما تسنموا مقاليد القيادة الدينية والسياسية في بلدانهم- في تسليم أهليهم وديارهم للفرس، حتى حل الدمار والخراب، ووصل إليهم هم أنفسهم.
من تابع الخطاب الشعبي الغاضب المصاحب للثورات في لبنان وسورية والعراق وقريبًا اليمن؛ سوف يشعر أن هناك عودة للوعي، ويقظة شعبية من شيعة العرب، الذين أدركوا أنهم استغلوا أربعة عقود كانوا خلالها الضحية والجلاد. اليوم يجب أن يعرف هؤلاء؛ أن إيران رمت بهم في مستنقع الفقر والجوع والدمار والخراب. لكي يخرج كافة الشيعة العرب المغرّر بهم من أتون الصفوية الإيرانية؛ يجب عليهم معرفة عدوهم. نشرت صحيفة معاريف الصهيونية مقالة لمارك هوبلز عن الشيعة والمذهب الشيعي الذي سماه: (الدين الشيعي)، يقول فيها: (إن الدين الشيعي- ومن ضمنهم الحوثية الجارودية- يعمل لصالحنا، وهو من أدواتنا في الشرق الأوسط، ولولا الدين الشيعي؛ لما استطعنا تقسيم الوطن العربي، وإشعال الحروب فيه، وبفضل هذا الدين؛ أوقفنا الزحف الإسلامي إلى أوروبا، وقضينا على كل مقاومة إسلامية حقيقية). وأضاف قائلاً: (لذلك ندعم هذا الدين بكل قوتنا وإمكانياتنا، وهو من حلفائنا المخلصين. لقد تم بفضل هذا الدين؛ تحريف الإسلام، وتشويه التاريخ الاسلامي. لقد استبدلنا بالمساجد الحسينيات التي تقام فيها طقوس تحريضية وثأرية نتيجتها قتل المسلمين، ولقد استبدلنا بالكعبة المقامات والمراقد الوهمية، وجعلنا الشيعة يحجون إلى المقامات والمراقد بدلًا من الكعبة). ويقول القس زويمر: (الشجرة يجب أن يقطعَها أحدُ أبنائها، وهذا يظهر مدى نجاحنا في تحريف الدين الإسلامي، وتشتيت المسلمين. ولقد برمجنا الشيعة على شيء واحد وهو الحقد على أهل السنة، من خلال تعطيل عقولهم بالعواطف الجياشة بإقامة الطقوس التحريضية والثأرية، وجعلناهم يقاتلون بأموالهم وأنفسهم بالنيابة عنا؛ دون أن نخسر شيئا، فهم يقاتلون بأموال الخُمس والمقامات، ولقد جعلناهم ينتظرون شخصًا وهميًا، غاب منذ 1200 سنة، وسيأتي آخر الزمان؛ ليقضي على قتلة الحسين، ويهدم الكعبة، ويُخرج أبا بكر وعمر ويصلبهما بعد أن يحييهما..! وجميع المراجع الشيعية في طهران؛ على صلة تامة مع الحاخامات، وهناك تنسيق بينهم لهدم الدين الإسلامي، وكيف؟ يكون الدين الشيعي من صنيعتنا؛ ومؤسسه عبد الله بن سبأ اليهودي..! لقد استطعنا برمجة العقل الشيعي، وجعلنا عدوه الأول والأخير هو السني، وهذه البرمجة هي المظلومية، والانتقام من قتلة الحسين ومغتصبي الخلافة أهل السنة، وهذه البرمجة؛ من الصعب اختراقها..! إن البرمجة تعتمد على الحقد وتحريف القرآن)..!
إن الأزمات التي تسبب فيها الوجود الإيراني في أكثر من قطر عربي؛ تواجه اليوم بثورات تصحيحية يقودها شيعة العرب أنفسهم؛ ولعلها تنجح في كشف التباس الديني بالسياسي والعرقي، الذي استغله الخمينيون للهيمنة والسيطرة، وتنجح كذلك- وهذا هو المهم- في بلورة موقف تاريخي شجاع لشيعة العرب من الصفوية الخمينية، التي قادت الكل إلى مستنقع القتل والتدمير والتخريب في أقطار عربية أربعة، وعينها على بقية الأقطار العربية.
يا عرب هذا الزمان سنة وشيعة.. اتحدوا؛ حتى لا تؤكلوا كما أُكِل الثور الأبيض.