«الجزيرة» - محمد السنيد:
يعد برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان أحد البرامج الرئيسية بجمعية «إنسان» لرعاية الأيتام، حيث حرصت الجمعية من خلاله على تدريب وتأهيل وتمكين وتوظيف أبنائها المستفيدين، وذلك انطلاقاً من توجهها لتفعيل الرؤية الوطنية 2030 في مجال التنمية الاجتماعية، والانتقال بالمستفيدين من الرعوية إلى التنموية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم، وتمكينهم من الإنتاج، وخلق فرص تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية ومهاراتهم العملية، كما تسعى الجمعية إلى ترسيخ أهمية العمل في نفوس الأبناء لينشئوا معتمدين على أنفسهم ومنتجين في مجتمعهم.. والإسهام في النهضة التنموية التي تشهدها المملكة بمختلف المجالات، وتحرص الجمعية على الاتصال بمراكز التدريب الحكومية والأهلية والتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في التدريب والتوظيف، كالمعاهد الخاصة، والكليات، والشركات الأهلية؛ مما يهيئ للمستفيدين العديد من الفرص في مجالات وظيفية واسعة.. إضافة إلى تقديم التوجيه والإرشاد الوظيفي للأبناء من خلال إعطائهم ندوات وورش عمل قبل إلحاقهم بالوظائف.
نستعرض في هذا التحقيق إدارات وأقسام برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان، وأبرز الأعمال والخدمات التي يقدمها البرنامج للمستفيدين، إضافة إلى انطباع الأبناء والأسر عن البرنامج، ومجموعة من تجارب النجاح التي تحققت من خلال دعم ومساندة الجمعية لهم لتحقيق تطلعاتهم المستقبلية.
رؤية طموحة وإنجازات رائدة
بداية تحدث أ. سامي بن محمد الزيدان، مساعد المدير العام لبرنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان، عن نشأة البرنامج ورؤيته ورسالته الجوهرية، وقال: انطلق البرنامج في غرة رمضان 1431هـ.. وبدأنا بإعداد اللوائح وحصر المستهدفين، والتواصل مع الشركاء في التدريب والتأهيل، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف البناءة التي تصب في خدمة الأبناء وأبرزها تأهيل ودعم المستفيدين تعليمياً، وتمكينهم من الاكتفاء ذاتياً، وفتح آفاق المستقبل أمامهم، لتحقيق طموحاتهم في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، إضافة إلى نقلهم من الرعوية إلى التنموية والمنتجة وفق الرؤية الوطنية للمملكة 2030، وذلك من خلال مساندتهم ودعمهم في مجالات الاستثمار المتاحة، وإلحاقهم بقطاع الأعمال عبر افتتاح المشروعات الصغيرة، حيث تحرص الجمعية على تعميق فكر العمل الحر وتنمية التوجه نحو تأسيس أنشطة تجارية على أسس ناجحة لدى المستفيدين، وإكسابهم المهارات الأساسية لتحديد وتطوير الأفكار الاستثمارية في تلك المشروعات.
وأوضح الزيدان أن رؤية البرنامج تتلخص في أن يكون برنامجاً رائداً في مجال تأهيل وتنمية الأيتام من الجنسين، ليكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم، ومشاركين في التنمية الوطنية التي تشهدها المملكة، ومبيناً أن الجمعية تسعى لتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تمكنهم من تحقيق مستقبل مشرق، عبر أساليب مهنية متطورة تتسم بالتجديد والابتكار.
وتابع الزيدان: ونظراً لأهمية التأهيل والتدريب والتوظيف فقد تم تأسيس 3 إدارات تابعة للبرنامج، وهي إدارة التمكين، وإدارة التوظيف والتأهيل، وإدارة المبادرات.. مشيراً إلى أن البرنامج يستهدف جميع الأبناء المسجلين في جمعية إنسان من الأبناء والفتيات والأمهات.
واستعرض الزيدان أبرز الإنجازات التي تحققت خلال العام المنصرم، موضحاً أن الجمعية قد ألحقت أكثر من 400 طالب وطالبة في الجامعات والكليات الأهلية في تخصصات مناسبة لسوق العمل، كما تم قبول نحو 350 طالباً وطالبة لدراسة البكالوريوس في الجامعات الحكومية، وسجلت الجمعية 25 طالباً للابتعاث الخارجي بالتنسيق مع وزارة التعليم، كما تم إلحاق 147 مستفيداً بالدبلومات في مختلف التخصصات، ورشحت الجمعية قرابة 1750 متقدماً للعمل في القطاع الخاص، وساندت 300 مستفيد بالشفاعة لهم لتسهيل توظيفهم أو إكمال دراستهم، إضافة إلى قبول 45 مستفيداً بسوق العمل، وتمويل 30 مستفيداً لتنفيذ مشروعاتهم الخاصة عن طريق شركاء التمويل، وكذلك توقيع مجموعة من الاتفاقيات لتدريب الأبناء، وتمكين الأسر المنتجة بجمعية إنسان من تحقيق رغباتهم وتمكينهم من سوق العمل، ومن ذلك توقيع اتفاقية مع جمعية التنمية الأسرية (أعمال)، وتفعيل شراكة مع جامعة الملك سعود لتدريب الأبناء، واتفاقية شراكة مع المركز الوطني للقياس لإعفاء المستفيدين من رسوم قياس.. كما استفاد أكثر من 320 من الأبناء من برامج متخصصة في التمكين، وإلحاق نحو 148 مستفيداً في دورات مختلفة.
التأهيل.. خطوة أولى
وقال أ. مخلد حمد الحربي مدير إدارة التوظيف والتأهيل في برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان: إن الجمعية تعمل على الإشراف على تنفيذ البرامج التدريبية، وتوفير كافة الأسباب لإنجاحها، وكذلك التنسيق مع الجهات الخارجية لتدريب الأبناء. كما نقوم بوضع خطط للتدريب بالتعاون مع المختصين، إضافة إلى الرقابة على تكاليف التدريب للتأكد من عدم تجاوزها الموازنة المعتمدة، وكذلك التنسيق مع فرق البحث الاجتماعي لتحديد الاحتياجات التدريبية، وإعداد مصفوفة المهارات وتحديثها، والبحث عن الفرص التدريبية والتعليمية المجانية لمنحها لمنسوبي الجمعية، وكذلك متابعة المتدربين في مقر التدريب.. مبيناً أن نتائج التدريب قد أثمرت عن التحاق العديد من الأبناء والفتيات في الوظائف في مجال تخصصاتهم.
وسلط الحربي الضوء على أهمية التأهيل.. موضحاً أنه يرفع من قدرات الأبناء الذهنية والإبداعية من خلال البرامج المختلفة، حيث تقوم الإدارة على تنفيذ البرامج التوعوية للأبناء بما يتناسب مع مساراتهم العلمية ومهاراتهم العملية، كما يتم إعداد الكتيبات التوعوية والتسجيلات الصوتية والمرئية، مشيرا إلى أن البرنامج يستقطب الجهات المتخصصة في البرامج التوعوية وتقديمها للأبناء، كما نسعى لابتكار النشاطات التي من شأنها أن ترفع قدرات الأيتام، إضافة إلى العمل على مساعدتهم في الالتحاق بمقاعد تعليمية من خلال التواصل مع الجهات ذات العلاقة.
وعلّق على جانب التوظيف، مبيناً أن الجمعية تعمل على توظيف الأبناء الأيتام وأسرهم في فرص العمل المتاحة في القطاعين الحكومي والخاص، وتسعى للبحث عن فرص عمل تتناسب مع مؤهلات الأبناء ومكان إقامتهم، كما يقوم البرنامج بزيارة إلى منشآت القطاع الخاص ومتابعة الوظائف الشاغرة فيها، إضافة إلى متابعة طلبات وإعلانات الوظائف الشاغرة في الصحف ومواقع التوظيف ومخاطبة المعلنين للتعاون مع الجمعية وتوفير فرص العمل للمستفيدين، كما نقوم بدراسة أوصاف الوظائف المطلوبة والتنسيق مع الإدارات المعنية لتأهيل الأبناء لتتوافق مهاراتهم مع احتياجات سوق العمل من حيث المتطلبات.
وتابع قائلاً: «وقد أنشئت قاعدة بيانات للراغبين بالتوظيف وبلغ عددهم 2.154 من أبناء وأسر الجمعية.. إضافة إلى ذلك فقد تم تكوين قاعدة بيانات للجهات المشاركة مع الجمعية في التعليم والتأهيل والتوظيف وبلغ عددها 48 جهة متعاونة. وذكر أن الجمعية قامت بـ10 زيارات خلال العام الماضي إلى الجامعات والكليات الأهلية والحكومية لعمل اتفاقيات وتوطيد العلاقات بين الطرفين.
نقل المستفيدين من الرعوية إلى المنتجة
من جانبه أوضح أ. عبدالرحمن بن محمد القحطاني مدير إدارة التمكين في برنامج الملك سلمان للتأهيل، أن الجمعية تعمل من خلال إدارة التمكين على تحويل المستفيدين من الاعتماد على المعونات والمساعدات الشهرية إلى الاعتماد على النفس، وتعزيز مهاراتهم الإنتاجية، والمساهمة في النشاط الاقتصادي الوطني بشكل عام، انطلاقاً من رؤية المملكة 2030 التي دعت إلى نقل المستفيدين من خدمات الجمعيات الخيرية من الرعوية إلى المنتجة.. مبيناً أن إدارة التمكين تعمل على تنفيذ البرامج التي من شأنها أن تدفع بتطوير مشروعات الأبناء وتحويلهم إلى فئة منتجة في المجتمع.
وأضاف: إننا نقوم بالتنسيق مع جهات التمويل الحكومية والجهات المانحة لتمويل مشروعات المستفيدين، كما تقوم الإدارة بإعداد الاستبانات اللازمة لمعرفة ميول الأبناء وتوجهاتهم الاستثمارية، وكذلك العمل على توعية أسر الجمعية بأهمية الاستثمار في المشروعات الصغيرة التي من شأنها أن ترفع من قدراتهم الإنتاجية.
وعرج القحطاني بالحديث على أهمية تثقيف المستفيدين بمجالات التمكين والاعتماد على الذات وقال: «يعمل قسم التثقيف في برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان على تنظيم دورات في الجمعية معنية بتثقيف الأبناء الأيتام بأهمية التمكين، إضافة إعداد برامج المحاضرات من خلال استضافة أساتذة جامعيين وشخصيات مؤثرة في المجتمع. كما يعمل القسم على نشر أهمية العمل وقيمته الاجتماعية والمادية، كي يتكون لدى المستفيدين قاعدة معلوماتية وثقافية بأهمية العمل الحر ونشر تلك الثقافة بين الأبناء الراغبين في الاتجاه للأنشطة التجارية.
المبادرات النوعية
إلى ذلك تطرق أ. خالد بن ناصر القحطاني مدير إدارة المبادرات النوعية في برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان إلى أهمية المبادرات ودورها في تطوير الخدمات المقدمة للأبناء.. وقال: «نسعى من خلال المبادرات النوعية إلى رفع مستوى الأداء في الجمعية، وذلك من خلال تقديم مجموعة من المبادرات والمقترحات ذات الصلة بالبرامج التعليمية والمهنية، والصحية والثقافة الغذائية، وكذلك المبادرات والمقترحات ذات الصلة ببرامج التأهيل النفسي والتنمية المجتمعية، وذات الصلة بتنمية القدرات القيادية والمهارات العامة، وأخرى ذات الصلة بتأمين مصادر الدخل المستدام، وكذلك مبادرات في البرامج الثقافية والرياضية.. مبيناً أن الجمعية حققت خلال العام الماضي 4 مبادرات نوعية واستفاد منها 119 طالباً وطالبة؛ إضافة إلى توقيع 30 شراكة مع البنوك المحلية لدعم المستفيدين من خدمات برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان.
تجارب ناجحة
إلى ذلك فقد عبّر عدد من الخريجين والموظفين، الذين استفادوا من برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان، عن شكرهم لجمعية إنسان التي ساندتهم في تحصيلهم العلمي وساهمت بتوظيفهم. وفي هذا السياق أوضح محمد عبده أحمد عسيري الذي تخرج من كلية العناية «علوم مختبرات إكلينيكية» أن البرنامج شكّل نقلة نوعية في مساره التعليمي، حيث أن معدله المنخفض لا يؤهله لدخول التخصص الذي يرغبه، ولكن الجمعية ساندته بخطاب شفاعة تم على إثره قبوله في تخصص المختبرات الإكلينيكية، وأضاف أن الجمعية قامت بدفع كافة الرسوم المطلوبة للكلية، معرباً عن شكره لجمعية إنسان على هذا الدور الرائد والخدمات المتميزة التي تقدمها للمستفيدين.
رسوم جامعة رياض العلم
من جهتها أوضحت فاطمة عبدالله صبوه (بكالوريوس تمريض عام) أنها تخرجت من جامعة رياض العلم العام الماضي، وقد قامت الجمعية مشكورة بدفع كافة الرسوم المترتبة على التحاقها بالجامعة، وقالت: «أنا الآن موظفة بحسب تخصصي في أحد المستشفيات المرموقة والحمد لله.. ووضعي مستقر بفضل الله ثم بدعم جمعية إنسان، التي لم تدخر جهداً في دعم أبنائها»، وأسأل الله أن يجعل ما يقدمونه في ميزان حسناتهم.
احتضنتني الجمعية
وأكّد سلطان قطان أنه تخرّج من كلية الفارابي (تمريض عام) خلال العام الماضي، والتحق بأحد المراكز الصحية.. مشيداً بدور الجمعية في دفع الرسوم والشفاعة له في القبول؛ ومبيناً أنه كان متخوفاً من البطالة، ولكن مع تكفل برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان، استطاع أن يواصل مسيرته التعليمية ويحصل على العمل المناسب الذي يتوافق تخصصه ويحقق تطلعاته المستقبلية.
مواصلة دراسة الهندسة
كما تحدث المهندس صالح منصور صالح الوابلي عن تجربته الدراسية والتحاقه بجامعة دار العلوم (كلية الهندسة) وقال: «توفي والدي -رحمه الله- وأنا في المرحلة الثانوية، وكان من الصعوبة عليّ مواصلة دراستي وتحقيق طموحاتي، نظراً لدخلي المحدود وقلة ما في يدي، ثم فكّرت في الحصول على دعم وأشار عليّ أحد الزملاء بأن أذهب لجمعية إنسان وأشرح لهم وضعي واحتياجي الدراسي، وكان الرد سريعاً من الجمعية حيث، بدأنا بالتسجيل ضمن المستفيدين من خدماتها، ووجدت كل ترحيب منهم واحتضان لمشكلتي، وبادرت الجمعية بالتكفل بدفع الرسوم، إلى أن أنهيت دراسة الهندسة، وتوظفت في البنك السعودي البريطاني. وأصالة نفسي ونيابة عن زملائي الذين استفادوا من برنامج الملك سلمان لتأهيل أبناء إنسان فإنني أتقدم لهذه الجمعية الرائدة بجزيل الشكر والتقدير لدورها في دعم فئة الأيتام ومساعدتهم لتحقيق أحلامهم ومنحهم فرصة لإثبات جدارتهم وتحقيق طموحاتهم.