سلمان بن محمد العُمري
هاتان الكلمتان من الكلمات التي كانت شائعة في مدارسنا سابقاً، وكان الطالب المغضب يتوعد زميله عند الخروج من المدرسة لأنه لا يستطيع التعدي عليه داخلها خشية من الجزاء والعقاب من الإدارة، ولهيبة المدرسة ومعلميها، ولربما حدثت الاعتداءات الفردية أو المضاربات الجماعية خارج أسوار المدرسة وبعيداً عنها خشية من رؤية المدرسين لهم وتلقي العقوبة في اليوم التالي.
اليوم تغير الوضع وأصبحنا نرى ونسمع في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف أخبار الاعتداء على المدرسين في مقر عملهم بل في الفصول ونسمع ونرى أخباراً مزعجة لحوادث قتل وليس مشاجرات وصلت إلى المرحلة الابتدائية وأزهقت أرواح باستخدام آلات حادة وتمادى طلاب في العام الماضي بإدخال سلاح آلي «كلاشنكوف» إلى المدرسة وتهديد الطلاب والعاملين وستر الله في شجاعة أحد المدرسين قبل وقوع الكارثة؛ فما أسباب هذا التحول في السلوك المشين لدى الطلاب، وما السبيل لوقف هذه التصرفات السلبية والحالات العدوانية حتى لا تتفاقم المشكلات؟!.
لقد تعددت أسباب العنف والتنمر داخل المدرسة مما يستوجب على المسؤولين عن التربية والتعليم ضرورة دراسة أسباب العنف، وهل من دوافعها تكريس العنصرية البغيضة في المجتمع من قبل الكبار وتغذيتها للنشء، وهل لمواقع التواصل وللأسر دور في تمجيد العنف وتعديه، وهل ضعف الدور التربوي المدرسي!.
لأننا نخشى من تفاقم المشكلة وخطورتها لأن هؤلاء الصغار حينما يمارسون سلوكاً عدوانياً في هذه المرحلة سينشأون على سلوك عدواني وإجرامي في مستقبلهم.
يروي أحد المدرسين في المرحلة المتوسطة وليست الثانوية أنه في إحدى المدارس وفي جولة تفتيشية بعد حدوث مشكلة في المدرسة أنهم فوجئوا بوجود عشرات السكاكين مع الطلاب وكان الجواب المتفق عليه من الجميع بأنني أحمل السكين للدفاع عن النفس عند المهاجمة من أي أحد، ولنصدق هذه الإجابات وأنها لم تنشأ من دوافع عدوانية، ولكن ما الذي جعل معظم هؤلاء يترقبون ساعة الشر ويخافون مما سيحدث لهم حتى يحتموا بهذه السكاكين القاتلة.
لقد فجع المجتمع بحادثة القتل التي جرت لطالب في المرحلة الابتدائية، وبعدها لحادثة في المرحلة المتوسطة بمحافظة جدة، وهذا خلاف الإصابات الخطرة باليد وبالسلاح بل وبالدهس، وهذا خلاف الاعتداءات المتكررة على المعلمين وعلى سياراتهم، ولم تعد هذه المشاكل قاصرة على مناطق محددة أو فئة معينة، بل أصبحت شاملة وأضحى العنف والتنمر مع الأسف يمتد إلى المرحلة الجامعية وإلى مدارس البنات.
الذي أعرفه ويعرفه الجميع أن هناك درجات للسلوك والمواظبة وجميع المدارس تمنح الدرجات الكاملة للطلاب، وأعرف أيضاً أن المدارس توزع تعليمات السلوك على الطلاب في بداية كل عام دراسي، ولكن هذا لم يحد من المخالفات السلوكية بوجه عام مما يستلزم معه استخدام الترغيب والترهيب، فالمدارس المفترض فيها أن تكون من أركان التربية، ومن محاضنها الرئيسة، ولكنها مع الأسف أصبحت مصدر قلق وخوف لبعض الطلاب والطالبات حتى أن البعض لجؤوا إلى نقل أبنائهم وبناتهم إلى مدارس أهلية على الرغم من ظروفهم المعيشية الصعبة طمعاً بالسلامة وبعداً عن المشاكل.
وما لم تتصدَ الوزارة لهذه المشكلة وانتشار العدوانية في المدارس، واكتساب النشء لها وبقاؤها معهم حتى يكبروا، تزداد مشاكل المجتمع.
نسأل الله السلامة والعافية، وأن يحفظ أبناءنا من كل سوء ومكروه.