غسان محمد علوان
(إنما العاجز من لا يستبد)
(إنما العاجز من لا يستبد)
(إنما العاجز من لا يستبد)
أعادها مرة تلو الأخرى، وكأن معجم كلماته قد خلى من سواها.
ضرب بيده مسند عرشه بقوة، فاهتزت مقتنياته الثمينة على رفوفه.
فقال مخاطباً نفسه: كيف لي ألا أستبد وأنا من أنا؟ كيف لي أن استمر هكذا على عرشي الذي لا يزاحمني عليه أحد، وارتضي أن تطرق مسامعي بعض عبارات السفه وبعض الضحكات المكتومة بأنفاس شامتة؟
(إنما العاجز من لا يستبد)
قالها بصوت أشبه بالصراخ هذه المرة، ومرارة عجيبة لا يعرف طعمها سواه تتسلل إلى داخله لتحرق جوفه. وقال: كيف لي أن أُظهر رباطة جأشي لمحبي، وقد سمعت أحدهم يتغنى بي بين خاصته بصوتٍ قد امتلأ حنيناً وشوقاً وهو يقول:(يا من هواه أعزه وأعزني) فتغطي على صوت ألحانه زفرات وآهات البقية؟
ثم استدرك قائلاً: ولكني جامع المجد من أطرافه، وتلك الميادين تشهد على بطولاتي وفروسيتي، فلم أترك موطأ قدم إلا وداسته أقدامي ارتقاءً، ولم أترك موضع حافر فرس لم أغشاه مخلفاً ورائي أندادي صرعى.
رغم كل ذلك، ما زال في القلب غصة، ما زلت أرى في عدم الاستبداد عجزاً.
(إنما العاجز من لا يستبد)
قام من مكانه صارخاً (قربًا مربط الزعامة مني) فقد ملت نفسي مما أنا فيه من جاه ومجد رصين، ينقصه استبداد القادر، لا حلم العاجز.
رآها، عصيّة متمنعة كعادتها. تكاد تقفز إلى أحضانه قبل أن يفتحها إليها مرحباً، فيأبى عليها دلالها.
رأته، مختلفاً عن كل مرة سابقة. يكاد الشرر أن يتطاير من عينيه رغبة بها. فاستبدل نظرات الرجاء بنظرات حزم مستبدة أمست معها كل محاولات التمنع والدلال إلى خضوعٍ تام.
عاد إلى عرشه مشبكاً يده بيدها ينظر إليها بخيلاء الملوك وفخر الكرام، فاقترب من أذنها وقال مبتسماً لها: ألم أقل لكِ، إنما العاجز من لا يستبد؟ فهل لمخلوقٍ من كلمة تقال لي الآن؟
فقالت وهي مطرقة رأسها: (وقديماً كان في الناس الحسد).
ألف مبروك لزعيم القارة الآسيوية تطويع الآسيوية السابعة بعد تعنتٍ طويل، ليبسط ذراعيه مجدداً على قمة مجد القارة الصفراء. وما زال للمجد بقية..