فيصل خالد الخديدي
التكريم سلوك اجتماعي نبيل يصدر من مؤسسات أو أفراد لأشخاص قدموا شيئا مميزا في مجال أو أكثر استحقوا عليه اختصاصهم بالتكريم، وعادة ما يحرض التكريم على مزيد من الإبداع والتألق وهو لمسة وفاء وعرفان تأتي بشكل اعتراف بالتميز ودعوة صادقة لاستمرار العطاء بوجود من يثمنه ويقدر صاحبه، ومتى ما توافقت واتفقت أكثر من مؤسسة أو أشخاص على تكريم صاحب عطاء مستمر فهو من المؤكد يستحق ذلك التكريم وأكثر ولاسيما وإن كان التوافق على تكريمه من أجيال مختلفة ومؤسسات متنوعة وعبر أزمنة متباينة.
هذا ما حدث ويحدث مع الفنان طه الصبان فرض احترامه وتقديره على الجميع وقدم الكثير من الجهود لخدمة الساحة، والمتتبع لمسيرته وتعاملاته مع الجميع يلحظ تميزاً في أكثر من جانب لعلها تفرق به كثيراً سواء عن من هم في جيله أو حتى من سبقوه أو لحقوا به، فالفنان طه الصبان لم يتوقف عطاءه على إبداعاته في أعماله بل امتدت إلى المساهمة في تأسيس أكثر من صرح خدم الفنون التشكيلية المحلية مثل بيت التشكيليين بجدة وأتيليه جدة, وكان فاعلاً في الكثير من اللجان الفنية والتحكيمية والاستشارية في العديد من الجمعيات والمشاريع الفنية والمؤسسات الحكومية والخاصة, ولم يعتكف الفنان طه الصبان في مرسمه وبين أعمال ويسخر طاقاته للإنجاز الفني في أعماله فقط بل امتد دعمه وعطاءه خارج مرسمه للعديد من المعارض الفردية والجماعية لفنانين وفنانات سعوديات سواء داخل الوطن أو خارجه, واقتناء الكثير من الأعمال دعماً منه لأجيال تتابعت من الشباب.
وعن العلاقات الإنسانية التي بنى عراها الوثيقة طه الصبان مع من سبقوه فتجده منصتاً معترفاً بالأستاذية وهو يقف بين يدي الفنان الراحل عبدالحليم رضوي يرحمه الله, وامتدت إنسانيته كأيادٍ حانية داعمة لمن هم من جيله أو لحقوا به، وحتى المواهب الشابة وصلهم الدعم والرعاية منه، فما مسابقة الواعدات إلا دعماً ذاتياً منه وإيماناً بأن الفن يستمر بدعم المواهب ورعايتهم، كثيرة هي المناقب التي جعلت من التكريم يصغر ويضيق حجمه مهما كبر أمام قامة عطاء طه الصبان الفني والإنساني، وتتسابق المؤسسات لتكريمه المستحق مثلما تسابقت إنسانيته مع فنه في سيل عطاء مستمر ظاهر وخفي.