د. إبراهيم بن عبدالله المطرف
يؤكد الواقع أن العولمة هي الرؤية المستقبلية للمجتمعات الدولية، ومن هذا المنطلق، يرى الكاتب أنه يمكن للنهضة والتجارب التنموية في الصين، أن تدعم برامج التنمية في المملكة، وأن تكون عنوانًا لانفتاح مستقبلي سعودي أكبر على الآخر في الصين، وآفاقًا سعودية جديدة للإفادة من النماذج الصينية التنموية وخبراتها التقنية، وقدراتها الاستثمارية، وفرصها الاستيرادية والتصديرية، واهتمامًا بالصين لكونها تمثل تراكمًا اقتصاديًا وحجم تقدم نوعي وكمي تقني، يجعلها مؤهلة لأن تسهم في تحديد المعالم المستقبلية للنظام العالمي المعاصر، وتحقيقًا للتعاون الفاعل وتعزيز مناخ الانفتاح على الآخر، بهدف بناء علاقات تقوم على المصالح المشتركة، والإفادة من العناصر والميزات التي يتمتع بها الجانبان السعودي والصيني، تجاوبًا مع التوجهات التي يتمتع بها الاقتصاد العالمي، بأسواقه التجارية، والصناعية، والتكنولوجية، والخدمية.
ودعمًا للرؤية الثاقبة للقيادة السعودية التي تدعو إلى بناء علاقات دولية تتسم بالتنوع والتوازن، والتوجه الإيجابي للقيادة للتأسيس لما يمكن أن يساعد على تطوير العلاقات والشراكات الإستراتيجية مع الصين، وللزيارات التي قام ويقوم بها القادة والمسؤولون السعوديون للصين والتي أسست لحقبة جديدة من التعاون السعودي الصيني، ولاستكمال ما صدر من بيانات الزيارات الرسمية والاتفاقيات الثنائية، التي دعت إلى تعزيز العلاقات السعودية - الصينية في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة، فإنه يمكن للمملكة أن تلعب دور «الجسر» بين الصين والدول الآسيوية الأخرى، وبين دول العالم التي تتمتع المملكة معها بعلاقات وطيدة، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما، ما يؤكد أن تطوير العلاقات بالصين، يمثل أهمية إستراتيجية للمملكة.
إن توسيع دائرة التعاون السعودي - الصيني الثنائي، وتعظيم الإفادة من الفرص المتاحة لتحقيق المصالح المشتركة، في ضوء دعم الدبلوماسية السعودية لسياسة الاتجاه شرقًا، يمثل نقلة نوعية، وتدشين عهد جديد، من الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين، المملكة بمكانتها الدينية والحضارية والاقتصادية، والصين بما تملكه من إمكانات وقدرات اقتصادية وتقنية وبشرية هائلة. ويمكن أن تسهم الصين في دعم التوجهات السعودية، في تعزيز دور وأداء مواردها البشرية، نتيجة ما حققته الصين من نجاحات وتجارب تنموية بشرية فريدة.
إن المطلوب هو تحقيق المزيد من الانفتاح على محيط العلاقات السعودية - الصينية، وذلك بدعم محاور العلاقات، بكل أبعادها الاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية وغيرها، والدخول في مرحلة شراكة إستراتيجية يستفيد خلالها الطرفان من النمو الاقتصادي في بلديهما، ومن فرص التعاون العلمي والتواصل الثقافي والتبادل التجاري والاستثماري التنموي، خصوصًا أن الصين تتمتع باحترام دولي يقدر جهودها في إحلال السلم والأمن والتعايش السلمي، ويعترف بالمكانة التي تحتله عالميًا على المستوى السياسي والاقتصادي، ناهيك عن أن الصين كانت ولا تزال تتبنى مواقف منسجمة مع المواقف السعودية، تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وهناك جانب مهم في العلاقات يتمثل في التعاون والمنافع المتبادلة، حيث يواكب النهضة التنموية الصينية طموح سعودي لبناء تنمية مستدامة، ما يجعل بناء «الجسور» بين الجانبين على درجة كبيرة من الأهمية في المجالات المختلفة، في مرحلة مهمة من مراحل التطور البشري، ولذلك، فإنه من الأهمية بمكان، إسراع القطاع الأهلي في المملكة بالتعرف على الصين بشكل جاد، حضاريًا وثقافيًا واقتصاديًا.
ووفقًا للمتغيرات والمستجدات الدولية، فإنه ينبغي على القطاع الأهلي في المملكة دعم العلاقات الرسمية مع الصين، والعمل على تبادل المنفعة كأساس للمصالح المشتركة، فالمملكة تمتلك ثروة يمكن أن تمثل استثمارًا جيدًا في الصين، ويمكن أن يعد ذلك ادخارًا محسوبًا من جانب المملكة، استثمارًا يعود على المملكة في المستقبل المنظور بمزايا اقتصادية مفيدة.
ويمكن للتقارب السعودي - الصيني الإفادة أيضًا من تجارب الدول الآسيوية الأخرى، من خلال زيادة المعرفة من خبرات وتجارب تلك الدول، في مجالات تكون قد أحرزت فيها تقدمًا لافتًا، وذلك من منطلق، أن العلاقات بين السعودية والصين على وجه الخصوص، ودول جنوب شرق آسيا بشكل عام، هي علاقات مبنية على المصالح المشتركة، وتتسم بالسلمية، أي أنه لا يشوهها أي مظهر من مظاهر العداء، وهو ما يعني أن «جسور» العلاقات ممهدة لمزيد من التواصل والتعاون والازدهار.