محمد سليمان العنقري
سيتم بالشهر القادم البدء بتطبيق مبادرة من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لمن يؤسسون أعمالاً جديدة والمتمثلة بالتأشيرة التأسيسية والتي لن يشترط بموجبها تطبيق أنظمة التوطين على هذه المنشآت لمدة 12 شهراً وذلك لغرض دعم انطلاقة المنشأة ولكن سيتم بعدها تطبيق لوائح التوطين والنطاقات عليها.
ويمكن تفسير هذه الخطوة بأنه يصعب على من يؤسسون أعمالاً جديدة إيجاد كوادر وطنية مؤهلة بسهولة أو أنهم غير قادرين على تحمل تكاليف العمالة الوطنية في بداية أعمالهم أما المدة الممنوحة وهي سنة فقد نظر بأنها مناسبة للحكم على مدى نجاح المشروع الجديد وإمكانية استمراره، من الممكن القول نظرياً إنها خطوة تراعي ظروف أصحاب الأعمال الجديدة ومن الواضح أنها أخذت من خلال نقل ما يواجههم من تحديات ببداية أعمالهم ومن المهم الاستماع لأصحاب الأعمال من قبل الجهات الحكومية المعنية لأنهم شركاء في البناء ودعم نمو الاقتصاد.
لكن إذا كانت هذه المبادرة مقبولة للمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر التي تدار بعدد محدود من العمالة 9 عمال أو أقل وقد تكون الوظائف فيها محدودة المتطلبات والدخل ولا يمكن أن يتقدم لها أي مواطن فإن تلك المبادرة تعد مناسبة، إلا أن عدم تصنيف المنشآت المستفيدة والمساواة بينها جميعا كبيرها وصغيرها يطرح تساؤلات حول دور شركات كبرى أو مشاريع ضخمة تؤسس بأنها غير قادرة على إيجاد مواطنين مؤهلين للوظائف التي ستولدها هذه المشاريع مثل المصانع المتوسطة والكبيرة وكذلك المستشفيات وغيرها ممن توظف مئات العمالة فهل هي غير قادرة على إيجاد طبيب أو مهندس أو محاسب أو فني سعودي !! وإذا كانت عاجزة عن توظيف المواطن من بداية عملها فمن الأولى ألا تعطى رخصة تأسيس أعمالها فالتأشيرات التأسيسية قد تخدم مشروعاً صغيراً يشغّل عدد محدود جداً من عمالة رخيصة التكاليف لكن ألا يتم التفريق بين المنشآت التي تستفيد من هذه المبادرة فإن ذلك سيحد من خفض معدلات البطالة وكذلك سيؤثر على مجمل برامج التوطين فكيف سيتم تشغيل خريجي الجامعات والمعاهد المهنية الذي يفوق عدد من يتخرج منها أكثر من 110 آلاف سنوياً هل سيقال له انتظر حتى يمضي عام على عمل هذه الشركة أو تلك، فخفض البطالة لا يتم بشكل أساسي إلا بتوليد الوظائف وغالباً فإن زيادة الوظائف تأتي من المشاريع الجديدة وإذا تم تعبئتها بعمالة وافدة فكيف سيتم توظيف مواطنين فيها بعد عام والأماكن كلها حجزت وآلية العمل تقولبت على أسلوب عمل ينفذه موظفون أكملوا عاماً وأسسوا المشروع مع مالكه فهل سيتم إزاحة عدد كبير منهم دفعة واحدة بعد عام لتوظيف مواطنين مكانهم فهذا الأمر سيسبب إرباكاً كبيراً للمنظومة وقد يؤدي لإضعافها بينما المنطق ألا يتم السماح لمنشآت معينة تولد عشرات فرص العمل بأن تستفيد من هذه المبادرة بالشكل الحالي، إذ لابد أن تفرض عليها نسب توطين من بداية عملها حتى يكون المواطنون جزءًا رئيسياً من بناء هذه المنشأة ثم تلتزم بنسب التوطين حسب النظام. التأشيرات التأسيسية قد تخدم منشآت صغيرة لكن أن يستفيد منها أصحاب أعمال متوسطة وكبيرة فإن الضرر سيكون كبيراً على ملف معالجة البطالة وبرامج التوطين وقد يؤخر تحقيق مستهدفات الرؤية بالنسب التي تهدف للوصول لها بمعدل البطالة، وكذلك تقلل من مساهمة الشباب بالاقتصاد والتنمية فلا يمكن أيضاً لحل مشكلة البطالة دفع الغالبية لافتتاح أعمال صغيرة فهي ليستبالمسألة البسيطة، ويحتاج كل شاب وشابة لبعض الخبرات ببداية حياته ليفكر كيف يبني بقية مستقبله كما أنه لا يتضح إذا كانت الشركات القائمة ستعامل توسعات خطوط إنتاجها معاملة الشركات الجديدة بالاستفادة من هذه المبادرة؟.