رجاء العتيبي
لا نتخيل طائفة دينية تحكم دولة, لوجود تعارض بين مصالح الطائفة ذاتها والشعب, فلا يمكن للطائفة أن تكون مفتوحة على الشعب, ولا الشعب قادرًا على التماهي مع الطائفة الحاكمة, باعتبار الطائفة نظامًا مغلقًا, لهذا في قوانينها إما أن تكون طائفيًا أو لا تكون، وبعض الطوائف الدينية لا يتم الزواج إلا بينها مثل الطائفة اليزيدية, وربما اليهودية, أما في الطائفة الشيعية فلا بد أن تكون شيعيًا (من آل البيت) حتى تحظى بالامتيازات.
لهذا لا يمكن لنظام إيران بوصفه حكمًا ثيوقراطيًا (طائفيًا) أن يتماهى مع شعبه أو يتفهم متطلباتهم أو يسعى لرفاه مواطنيه بمختلف أعراقهم, فكل المكاسب والامتيازات للحكومة الطائفية (المعممين) ومن ارتمى في محيطهم, أما غيرهم من الشعب فليس لهم سوى الفتات، وعليهم أن يبقوا عند خط الفقر أو بعده بقليل حتى لا تكون لهم قوة تنافس الحكم الطائفي.
الحكومة الطائفية تريد من الشعب أن تكون (مخدرًا) بدين الطائفة, يتباكون على (ماض تولى), يجلسون بالساعات الطوال يستمعون لخرافات الولي الفقيه، ثم يذهبون إلى منازلهم وقد كرهوا الحياة ومن فيها, لا طموح ولا أهداف ولا عمل ولا إنجاز سوى البكاء على أطلال طائفية, فيما يجهلون أن تلك أمة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
وعندما أرادت حكومة الملالي في إيران أن تحل مشكلاتها الاقتصادية توجهت فورًا إلى (جيب) الشعب الفقير، تريد منه أن يتبرع بكسرة خبز للولي الفقيه الذي يحتفظ بالملايين في بنوك سويسرا، تريد من الشعب الإيراني المغلوب على أمره أن يتحمل كل نتائج تصدير الثورة الفاشلة وعلاقاتهم الدولية المتوترة.
لا تلام شعوب إيران والعراق ولبنان، فالطائفة التي تحكمهم واحدة, والسياسة واحدة, ولكن الجوع (كافر), إذا جاع الشعب ينتبه من غفوته, ويعرف أن دموع الحسين لم تؤكله عيشًا, وأن ضرب الرأس بحد السيف في عاشوراء لا يفضي على مزيد من الدماء, الشعب يريد أن يأكل، يريد أن يكون له هدف, يريد أن يكبر أبناؤه بسلام، يريد أن يعيش في وطنه بكرامة، يريد حياة عادلة.
انتفاضة الشعوب في إيران والعراق ولبنان ضد حكومة الملالي هل هي استجابة لـ (يا شيعة العالم استيقظوا) التي أطلقها موسى الموسوي بعد وفاة الخميني والتي بين فيها كيف يبكي الشعب جلاده؟. وها هي -اليوم- تلك الشعوب تعري (الجلادين) هاهم استيقظوا وثاروا على الظلم شيعة وسنة على حد سواء، عرفوا بعد كل هذه السنين أن صيحات الموسوي صحيحة، وأن عليهم أن يرفعوا الظلم عن كاهلهم منادين بحكومة جديدة تحترم إنسانيتهم, وما زال لثورتهم بقية.