«الجزيرة» - الاقتصاد:
انطلقت أمس في الرياض أعمال المؤتمر الأول المشترك بين مسؤولي البنوك في المملكة ودولة الإمارات، الذي تنظمه مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» بالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي.
ودُشّن المؤتمر بحضور محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد الخليفي، ومحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي مبارك المنصوري، ومشاركة نخبة من الخبراء والمهتمين من البلدين.
ورحب الدكتور أحمد الخليفي، في كلمته أمام المؤتمر، بمحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، والوزراء والمسؤولين في افتتاح المؤتمر السنوي الأول للبنوك السعودية والإماراتية لتحديد التحديات والفرص في القطاع المصرفي، الذي يُعَدُّ أحد مبادرات مظلة إستراتيجية «خلوة العزم» المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، وتندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون والعمل المشترك بين البلدين الشقيقين ضمن اتفاقية تهدف إلى إيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون على المستوى الإقليمي والعربي عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة.
وعُدَّ المؤتمر فرصة لمسؤولي البنوك في البلدين للحوار والتعرف على أبرز التحديات والفرص في مجالات أصبحت ذات أهمية عالية على المستوى الدولي ولها تأثير على القطاع المصرفي.
وأكد محافظ مؤسسة النقد، أن القطاع المصرفي في المملكة يتسم بقدر كبير من الملاءة المالية والكفاءة التشغيلية والسيولة العالية، ويخضع لرقابة لصيقة وإشراف فاعل من قبل مؤسسة النقد، مشيرًا إلى أن من المهام الحيوية للقطاع المصرفي ما تقدمه المصارف من تسهيلات ائتمانية للقطاعين الخاص والعام التي شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الماضية، كما أن مؤشرات السلامة المالية فيه تعد ممتازةً مقارنةً بمتطلبات «بازل» والمعايير الدولية في مختلف المجالات، ومنها: معدل كفاية رأس المال، والقروض المتعثرة أو المشكوك في تحصيلها، ومستويات السيولة التي تُعدّ ضمن مستويات عالية جدًا مقارنة بالحد الأدنى المطلوب حسب معايير لجنة «بازل».
وقال الخليفي: إن المملكة تُعدّ رابع أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على مستوى العالم، والأول على مستوى الخليج العربي والمنطقة العربية، حيث بلغت قيمة الحوالات الصادرة إلى دولة الإمارات خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2019م نحو 71 مليار ريال، في حين بلغت قيمة الحوالات الواردة خلال الفترة ذاتها 20 مليار ريال.
وتناول الدكتور الخليفي المجالات التي أصبحت ذات أهمية عالية، ومنها مجال قطاع تمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مبينًا أن مؤسسة النقد سنَّت تشريعات للبنوك العاملة في المملكة بهدف تشجيع تمويل تلك الفئة، ومن جهود المؤسسة لتعزيز تمويل هذا القطاع تشكيل لجنة تهدف إلى دراسة سُبل دعم القطاع ورفع التوصيات التي من شأنها تعزيز دور المؤسسات المالية التي تشرف عليها المؤسسة، إضافة إلى توحيد التعريف للمنشآت الصغيرة والمتوسطة واستحداث قطاع آخر يكتسب أهمية كبيرة (متناهية الصغر)، لافتًا إلى أن حجم التسهيلات المقدمة إلى قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خلال الربع الثاني لعام 2019م بلغ نحو 113 مليار ريال.
وأكد أن مجال الأمن السيبراني، يُعدّ أحد أهم أولويات مؤسسة النقد وأن النهج الذي تتبعه في هذا المجال أدى إلى رفع درجة التزام المملكة ونظامها المالي بمتطلبات ومعايير الأمن السيبراني، حيث ركّزت «ساما» على طرق الوقاية والحماية، إضافة إلى الإجراءات المستمرة للفحص وتقييم المخاطر.
وتحدث عن أهم جهود مؤسسة النقد في تعزيز الشمول المالي والتثقيف المالي، مشيرًا إلى تدشين مبادرة شاملة تحمل اسم «ساما تهتم»، وتستهدف ثلاثة محاور أساسية وهي: حماية العملاء، والثقافة المالية، والشفافية والإفصاح، حيث تضمنت هذه المبادرة إطلاق نظام آلي لإدارة علاقات العملاء ورفع مستوى الثقافة المالية للأفراد وتعزيز ثقافة الادخار وتوعيتهم بحقوقهم ومسؤولياتهم، وكذلك تم تدشين مبادرة تقديم الخدمات المصرفية عبر الوكلاء (Agent Banking) لزيادة مستوى الحصول على الخدمات المالية وتنويع قنوات الوصول إليها. وأوضح أن من أهم الأهداف التي تسعى مؤسسة النقد إلى تحقيقها ضمن إطار برنامج تطوير القطاع المالي، ما يتمثل في تقليل الاعتماد على تداول النقد، من خلال التطوير المستمر للبنية التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية بهدف تسهيل التحول إلى بيئة رقمية للمدفوعات، وهو ما يصبّ وبشكل مباشر في تشجيع التوجه نحو مجتمع غير نقدي.
وأشار المحافظ إلى تشجيع الابتكار في القطاع المالي من خلال دعم مبادرة «فنتك السعودية» التي أطلقتها مؤسسة النقد العام الماضي لتكون حافزًا لتطوير قطاع التقنية المالية وتمكينه بشتى الوسائل لتصبح المنطقة منصة ابتكارية ومركزًا رئيسيًا للتقنيات المالية حول العالم بوجود منظومة ناجحة يقودها أصحاب المصلحة المحليون والدوليون، وذلك من خلال جمع الجهات الحكومية والخاصة التي ستشجع ثقافة الابتكار.
وقال الدكتور الخليفي: إن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي تمّ إنشاؤه ضمن اتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مايو 2016، وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حرصًا على توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين ورغبتهما في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني والعسكري، وترتكز رؤية المجلس على إيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين البلدين على المستويين الإقليمي والعربي عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين.