«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تخطى طرح أرامكو كل التوقعات حول النطاق السعري للسهم، الذي تراوح بين 30 و32 ريالاً للسهم، ومع بدء الاكتتاب في الأول من نوفمبر الحالي ظهرت ملامح الإقبال الشديد علي الاكتتاب الكبير، حيث يمثل هذا الطرح حوالي 1.5 في المئة من إجمالي أسهم الشركة بما يعادل 3 مليارات سهم، بقيمة بيع متوقع 96 مليار ريال بافتراض أن الاكتتاب في الحد السعري الأقصى، وهو الشكل المتوقع في ظل الإقبال الكبير على الاكتتاب سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات.
وبحسب نشرة الإصدار، ستبدأ فترة الاكتتاب للمكتتبين من فئة الشركات والمؤسسات في الـ17 من الشهر الجاري وتنتهي في الرابع من الشهر المقبل. ورغم انتهاء فترة اكتتاب الأفراد في الـ28 من هذا الشهر الجاري، سوف تستمر فترة اكتتاب المؤسسات إلى الرابع من ديسمبر المقبل، وهو ما يعطي المؤسسات فترة أطول لترتيب أوضاعها وسداد قيمة الاكتتاب، حيث تشير نشرة الإصدار إلى أن آخر موعد لسداد قيمة الاكتتاب للمؤسسات المُكتتبة في 8 ديسمبر 2019.
وقد أعلنت أرامكو أنها ستطرح 1.5 في المئة من أسهمها للاكتتاب العام، وهي تستهدف بيع 0.5 في المئة من الأسهم لمستثمرين أفراد في الطرح العام الأولي كحد أعلى، بينما 1 في المئة ستخصص للمؤسسات.
نطاق سعري أقل من التوقعات لسهم أرامكو
وجاء تحديد النطاق السعري لسهم أرامكو بين 30 و32 ريالاً بمثابة المحفز القوي للاكتتاب بعد أن كانت توقعاته تتراوح بين الـ35 الـ47 ريالاً بحد أدنى، لأن تقييم أصول أرامكو المثار منذ فترة طويلة كان يتراوح بين 2 إلى 2.5 تريليون دولار (أي يصل إلى 9.4 تريليون ريال)، وعليه كان من المتوقع أن يصل سعر الطرح إلى حوالي 47 ريالا للسهم. وهذا الفارق بين التوقعات وبين السعر الفعلي للطرح جاء بمثابة البشارة التي رافقها الإقبال الشديد من قبل الأفراد على الاكتتاب.
ومن جانب آخر لوحظ ضيق النطاق السعري ما بين الحد الأدنى 30 ريالاً والحد الأقصى 32 ريالاً، وهو ما بلغ 6.7 في المئة فقط، رغم أن المعتاد في هذا النطاق أن لا يقل عن 10 إلى 15 في المئة، بشكل يعطي أريحية للمكتتب الفرد تحديدا.
«أرامكو» صانع السوق الجديد بنسبة 1.5 في المئة
ورغم أن أرامكو طرحت سعرا يقل عن التوقعات ونطاق ضيق عن المعتاد، إلا أنها أيضاً تطرح نسبة 1.5 في المئة فقط من إجمالي أسهم الشركة، وذلك للحفاظ على توازن السوق الذي يترقب سهم أرامكو كصانع رئيسي وأكبر قادم .. فحسب الـ 1.5 في المئة، فإن الشركة تطرح 3 مليارات سهم بقيمة يتوقع أن تصل إلى 32 ريالاً، أي بقيمة إجمالية 96 مليار ريال، وهي قيمة تزيد كثيرا على أعلى طرح بالسوق السعودي في تاريخه السابق، بل هي قيمة تزيد على أكبر 4 شركات تم طرحها مجتمعة، فقد كان الطرح الأكبر سابقا هو طرح شركة سابك بحوالي 990 مليون سهم، يليه تنازليا شركة أرامكو (ممثلة في شركة بترورابغ والكهرباء) بعدد أسهم 660 مليون سهم، ثم يليه شركة هونغ كونغ وشنغهاي المصرفية بعدد أسهم مطروحة 600 مليون سهم، ثم يأتي رابعا البنك الأهلي التجاري بعدد أسهم 500 مليون سهم.
تسابق عالمي على ضم «أرامكو»
تعد أرامكو السعودية أكبر شركة متكاملة للنفط والغاز في العالم، حيث بدأت مسيرتها كمشروع تنقيب وإنتاج النفط الخام في المملكة في عام 1933م. وهي تزاول أعمالها حالياً في مجال التنقيب والإنتاج داخل المملكة، في حين تنتشر أعمالها في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق في أرجاء مختلفة من العالم.
ويبلغ رأسمالها الحالي 60 مليار ريال مدفوع بالكامل ومقسم علي 200 مليار سهم.. وفي اعتقاد وحدة أبحاث الجزيرة أن تقييم الشركة حسب النطاق السعري المعلن بنحو 1.6 إلى 1.7 تريليون دولار يعتبر محفزا كبيرا للمؤشرات العالمية لضم أرامكو الشركة القائدة في مجال للنفط والغاز في العالم.. وهذا السبب وراء عدم انتظار المؤشرات العالمية لأول قوائم مالية للشركة لضمها كما هو معتاد في الحالات السابقة مع الشركات الكبرى. وهذا التسابق على ضم أرامكو يعتبر أيضاً اعترافا باستمرار قوة وبقاء سوق النفط والغاز لسنوات طويلة مقبلة. أما ثاني أهم الأسباب لهذا التسابق في الضم، فهو اعتبار أرامكو خير مؤشر على متانة أسواق منطقة الشرق الأوسط وبالتالي معيار حقيقي للمالية والتمويل، كما عن الصورة الحقيقية لاقتصاديات المنطقة.
نشرة جديدة تقصر الاكتتاب على المستثمرين من داخل السعودية
صدرت نسخة جديدة من نشرة اكتتاب أرامكو تحد من مشاركة المؤسسات الأجنبية .. وتركز على المستثمرين من داخل السعودية. وستتم مشاركة الأجانب في اكتتاب أرامكو حصراً من خلال المؤسسات الأجنبية المؤهلة (QFI) ..وهو ما يعطي أفضلية للأفراد والمؤسسات السعودية. وبموجب التعديل على نشرة الإصدار، قامت بموجبه بحذف Regulation S الذي يمكّن المؤسسات المالية الأجنبية من المشاركة بشكل مباشر في عملية بناء سجل الأوامر.
وحذف أيضاً المادة 144 A التي تسمح بتسويق الطرح داخل الولايات المتحدة، ما يعني قدرة المؤسسات الأمريكية على المشاركة في بناء سجل الأوامر. وبذلك تمنح أرامكو الأولوية للمستثمرين السعوديين، من خلال حصر مشاركة المؤسسات الأجنبية في الاكتتاب من خلال آلية المستثمرين المؤهلين أو QFI. وتعتقد وحدة أبحاث الجزيرة أن هناك تغييرا استراتجيا في الطرح والاكتتاب في شركة أرامكو، فقد أعطى تسابق المؤشرات العالمية على ضم أرامكو الصورة الحقيقية لتقييم الطرح والاكتتاب في الشركة القائدة.. أما السبب الأهم الذي نعتقد أنه وراء هذا التعديل في نشرة الاكتتاب فهو النطاق السعري الذي نعتقد أنه كان مخططا أعلى من ذلك، ولذلك وجب تعديل النشرة وتخصيص أكبر قدر ممكن للسعوديين، خاصة أن الجميع يعلم أنه كان يمكن تحديد سعر أعلى حتى مستوى47 ريالا للسهم.