د. أحمد الفراج
ونحن على وشك ختام هذه السلسلة، التي تناولت رؤساء أمريكا عبر تاريخها الذي تجاوز القرنين، نتحدث اليوم عن واحد من أشهر الرؤساء، والذي كان أحد الآباء المؤسسين للإمبراطورية الأمريكية، والوالد لأسرة سياسية عريقة، برعت في مجال السياسة والدبلوماسية، أيّ ثاني رؤساء أمريكا، حون آدمز، الذي انتخب رئيساً في عام 1796، بعد مسيرة حافلة، إذ كان نائباً لأول رؤساء أمريكا، جورج واشنطن، لمدة ثماني سنوات، وقبل ذلك كان أول سفير في هولندا، ثم لدى بريطانيا العظمى، وهو من ولاية ماسشيوستس، وخريج جامعة هارفارد العريقة، وقد عمل بالمحاماة، وبما أنه يؤمن بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، فقد دافع عن الجنود الإنجليز، الذين اتهموا بارتكاب مجزرة، ولم يكترث بالاعتراضات على ذلك، إذ إن ذلك حدث أثناء الاستعمار البريطاني لأمريكا، فقد قدّم مبادئ القانون على العاطفة، إذ أنه هو ذاته، أصبح بعد ذلك من أبرز قيادات الثورة الأمريكية.
كان آدمز أبرز من كتبوا: «إعلان الاستقلال»، وهو قانوني بارع، إذ هو الذي صاغ دستور ولاية ماسشيوستس، الذي كان مصدراً مهماً للدستور الأمريكي ذاته، وكانت فترة رئاسته مهمة للغاية في ترسيخ الدولة الجديدة، وعمل على تقوية الجيش وسلاح البحرية، وعقد صلحاً مع فرنسا، ولكنه اختلف مع بعض رفقاء دربه، وأبرزهم نائبه، الرئيس المفكر توماس جيفرسون، ولذا خسر معركة إعادة الانتخاب لصالح جيفرسون، ثم رحل إلى مسقط رأسه، وفي وقت لاحق، تصالح مع جيفرسون، ثم رحل في يوم عيد الاستقلال، 4 يوليو عام 1826، أي بعد 50 عاماً من استقلال أمريكا، ورغم كل تاريخه الحافل بالإنجازات كدبلوماسي وسياسي مميز، إلا أنه لم يحظَ بتصنيف متقدم من قبل المؤرخين، فهم يصنفونه كرئيس بارز، ولكن دون أن يكون ضمن أفضل عشرة رؤساء، وربما أن سبب ذلك هو أنه حكم لفترة واحدة.. ولا يخالجني شك في أنه لو حكم فترتين، لأصبح ضمن العشرة الأفضل، مثل سلفه، جورج واشنطن، وخلفه توماس جيفرسون!.