رقية سليمان الهويريني
يشكو بعض المواطنين ممن تعرضوا لإيقاف الخدمات من الظلم الواقع مما تسبب بعدم قدرتهم على تسيير أمورهم المدنية!
وتنشط المشاعر الاجتماعية حيالهم، وأنهم ضعفاء فقراء مساكين، وأن محاكم التنفيذ لا تفرّق بين المتعثر والمعسر والمماطل! بينما يستسهلون أمر الدَّين، ويلومون صاحب الحق، وينعتونه بالاستعجال وقساوة القلب لتسببه بوقف خدمات مواطن محدود الدخل، ويلومونه بعدم الصبر عليه ومراعاة حالته الاقتصادية! ويصفون المتضرر المطالِب بحقه بالأناني والخسيس، وأنه لا يشعر بالفقراء، ويتأسفون على حال المواطنين الذين صاروا يأكلون بعضهم بعضًا! كما ينتقدون النظام العدلي الذي لا يرحم المحتاجين! ولا ينظرون بحيادية أنها حقوق للآخرين لم تسدد، ومن العدالة عودتها لأصحابها بدعم النظام العدلي!
ولا شك أني وغيري نتعاطف مع أسرهم وتعرضهم للحاجة بسبب ولي أمر مستهتر، إلا أن وقف الخدمات يعدُّ واحدًا من أفضل القرارات لحفظ حقوق الآخرين، وضبط العلاقات المالية بينهم، فضلاً عن أن عدم التسديد والمماطلة محظوران قانونيان ومخالفان للشرع الذي يحرّم الإضرار بالبشر وتعطيل مصالحهم! ولكن في الوقت نفسه يجب ألا ينطوي وقف الخدمات على أطراف أخرى من أفراد الأسرة، وحصر الضرر بمن تسبب على نفسه فقط!
وما يؤسف له التعاطف الشعبوي مع الموقوفة خدماتهم من المستهترين ممن أصبحوا ينشرون مطالبهم على قنوات التواصل الاجتماعي طلبًا للتسديد، وهو تصرُّف غير حضاري إطلاقًا، ولو لم يجدوا تبريرًا وتعاطفًا اجتماعيًّا لما تاجروا بقضاياهم، ولما مارسوا الاستخفاف بحقوق الناس وتعطيل مصالحهم.
ولولا قوة القانون وحزم النظام وتعهده بحفظ حقوق الناس لتعدى كل واحد على الآخر! والقانون لم يوجد إلا لهذا السبب. ولعل المستهتر يتعلم من خطئه وماهية ثقافة تدبير المعيشة بحسب الدخل، ويفكر بالعواقب.
إن استقرار المجتمع يكمن بحفظ حقوق الناس، وليس بالاستجداء بعد الاستدانة والعجز عن التسديد. وتزيد المأساة عندما يكون الاقتراض للهياط والاستعراض!