على قدر ما يؤلمني الرحيل، تتألم معي حروفي وأنا وإياها ننهلُ من قولِ الشاعر:
هذا أنا ومداد نبضي محجم
والحرف من فرطِ الأسى يتألمُ
أُهديكَ يا قلم الحقيقة أحرفي
أصدح فإنك بالحقيقةِ مفعمُ
رحم الله الفقيدة هيلة بنت محمد المهنا، زوجة ابن العم عبدالعزيز إبراهيم العجلان..
نِعمْ المرأة هي في حياتها، وقد أحبها كل من سمع عن خصالها الحميدة وطباعها الأصيلة، فكيف بنا نحن الذين عرفناها وسمعناها وعايشناها عن قرب، فلقد ملكت -رحمها الله- رصيدًا وافيًا حملته معها إلى مثواها الأخير من خير العمل وأطيبه، مَلكت من الصفات والخصال الحميدة ما لو قسمناها على اثنين أو أكثر لكانوا في مصاف الأخيار، فعن ماذا نتحدث وبماذا نوصف الرحيل وصاحبته؟
هل نتحدث ونرسم بالحروف عن نبل الأخلاق وعن العفاف... أم عن الكرم والرأي السديد... عن السمعة العطرة والقلب الكبير... أم عن العطف وحب الخير للغير... عن الدين فلنتحدث والكرم والصبر والإيثار والتسامح... كذلك هل نتحدث عن محبة الناس لها ولسانها العفيف... أم نتحدث عن ذلك البيت الذي تربت ونشأت فيه وهي تعتقد أن صلاة الضحى والوتر واجب فرض... عن والدها ووالدتها رحمهم الله وأهلها وتلك البيئة المحافظة المتمسكة بأصول الدين وسماحة شريعته..
عماذا وماذا نتحدث.. فلقد أتعبت فينا الوصف يا فقيدتنا يرحمك الله، وقد عزم القلم وصاحبه على الإبحار عميقًا في تلك الذكريات من المواقف والقصص والظروف والأحداث التي عشناها وسمعناها عنك..
رحمك الله، تلك اللحظات في حياتك التي طابقت قول المتنبي:
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
رُغم الرحيل بأمر القادر العزيز يا أم فهد، إلا أنك ما رحلتِ إلا وقد تركتِ وراءك الأثر الطيب والنموذج بالسيرة الصالحة، وما زال شذى العبير وراءك يفوح ليتعطر به كل من سجلت ذكرياته مواقف أو ذات لحظات كُنتِ وكانوا فيها، ما رحلتِ: وكيف يرحل من ترك وراءه سيرة عطرة حفرتها أفعالكِ بيدكِ اليمنى العاملة بصمت دون ضجيج، وذات اليمين التي كانت تُعطي دون أن تعلم اليسرى.
وما قولنا في حالنا مع الرحيل إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، فعليك الرحمة أم فهد، داعين المولى عز وجل بأن يتغمدكِ برحمته ويسكنكِ فسيج جناته ويفسح لك في قبركِ روضة من رياض الجنة، وعزاؤنا ودعاؤنا بعظيم الأجر لابن العم الغالي عبد العزيز إبراهيم العجلان وأولادها الأعزاء، وإلى أخيها الشيخ مهنا وأخواتها الكريمات وكل أهلها الأفاضل وكافة أسرة المهنا والعجلان والعيد.
وما ختام القول إلا رسالة إلى أبنائها:
«كانت وما زالت لكم أم حقٌ عليكم أن تفتخروا بها».
** **
- عبدالعزيز بن محمد العجلان