رباب محمد:
كنتُ في فترة سابقة لا أحب الاطلاع «كثيرا» على الكتب الفكرية لأن قناعة عندي بأن خطئها فيما بعد أن الفكر لا يُلقى في الكتب فقط, بل يظهر على الأقوال ويكشف في مقامات الأفعال.
لكني عدلتُ عن هذا الرأي إلى غيره حين نصحتني صديقتي بكتب فكرية أنوع بها مائدتي وحصيلتي من القراءة, قلتُ لا بد لي من إضاءة في هذا العالم, مدخل, ضوء أسترشد به الطريق, أشارت علي بكتب الدكتور إبراهيم التركي, ذهبتُ إلى المعرض وحصلت على كتاب: وفق التوقيت العربي, سيرة جيل لم يأتلف.
كان هذا الكتاب البداية في هذا الدرب الصاخب, والجميل في الكتاب أنك تستطيع قراءة حكايات جيل كما قال عنه المؤلف: ولد بعد النفط من دون أن يجد ملعقة الذهب, ربما كان أول الأجيال المُترفة أو آخر الأجيال المُكافحة ..إلخ
تهيئة كهذه كفيلة أن تفتح أمام أي قارئ شهيته الواسعة لقراءة الكتاب الماثل أمام يديه, هذا الكتاب لم يكن الأول في سلسلة قراءاتي لكُتب الدكتور, وما لفت نظري حقيقة أن السؤال بكافة معطياته لا يكف عن قلقه, فنكون نحن بحاجة ماسة إلى تدوين إجابات هذا السؤال على سطح الواقع.
المؤلف يقدم لنا في صورة متكاملة مدى الثقوب التي تلوث جدار المجتمع بشروخات حادة أو طفيفة على حسب المشهد.
الدكتور في صفحة من الصفحات يقول كلامًا جديراً بالإنصات: نحن بحاجة إلى العقلانية لمشروعات تنويرية لتسود المجادلة بالحسنى دون تخوين, أو تكفير أو استدراج نحو مناطق زلقة ذات انحناءات والتواءات تدفع الحليم إلى الغضب ..إلخ
هذا الكتاب استفاضة وقت يمكنه أن يمتد كثيرا ولا يمل الحديث فيه عن العقل العربي ومدى ثبوت قوله وإلى أي الاتجاهات يميل ومع من وإلى أي كفة, وقبل ذلك ما حقوق هذا العقل وما حدوده, بيئته, مقدراته, ومكنوناته؟
كيف يعمل إن أعُطي مجالا ضيقًا, وكيف يتواءم مع كافة الأجواء سواء خريفية وشتائية أو قائظة حارة؟
كيف يتحد في شمولية مع العقول الأخرى لتنتج لنا مناخا مرنا رصينا يقبل فيه الجميع بعضهم ببعض, ويقبلون ذواتهم أولا بدون لوم أو زيادة ونقصان ويعملون على رفع التقدير لكل أولئك الذين أعطوا هذا العقل في ظلمة الأنفاق: ضوء ..
كتاب جدير بالوقت.