أذكر ذلك اليوم جيّدًا حينما رعدت السماء ركضتُ إلى والدتي وأطرافي ترتعد.
وأذكر جيّدًا كيف كانت إبرة المغذي أو التحاليل تصيبني بالخشية.
وإلى هذا اليوم وكل الأشياء من حولي تُرعبني.
أصبح الخوف قضيتي التي لا أستطيع أن أتجاوزها، كل الأشياء من حولي مخيفة، حتى القطط تُشكل الرعب داخل صدري.
كنت أهرب من مخاوفي ولا أتجرأ أن أواجهها حتى أتى ذلك اليوم وأخبرتني إحدى صديقاتي بأن الخوف لا ينتهي ولا أحد يستطيع أن ينهيه من داخلنا سوانا.
ومن ذلك اليوم وأنا أواجه مخاوفي وكأنها ضيف لطيف يزورني.
الخشية بالنسبة لي لعبة واستطعت أن أنتصر عليها.
والآن جاء الدور بأن أتحدث عنها بكل أريحية وهذا دليل آخر على الانتصار أن تتحدث للملأ عن ماواجهته سابقًا وهذه شجاعة ولا أحب أن ألعب دور الناصح بل أحب أن أروي من تجاربي لغيري، ليجد حلا مني وهذا أعتبره امتنانِ لروحي بأن أقص قوتها لكل من حولي.
الخوف خطر ويشكل تهديدا على حيَاة الفرد لأنه يصيب الفرد بالتوتر وإرهاب داخل نفسه.
ويجب أن يتخطى الإنسان هذا البلاء بالإدارك بأن يدرك بأن هذا الشعور ليس شعورا مؤقتا وسينتهي بل شعور قاتل وأستطيع أن أسمي الخوف «بالإرهاب القاتل».
أيضًا أستطيع أن أصنف الخوف بأنه خوف «لا عقلاني»
ففي الخوف يتصور الأفراد أشياء لا تمت للواقع بصلة وهذا ما يوقف سير حياته.
كأن يخاف الفرد من ذكر الموت والنقاش حوله وهناك من يخاف من تقلبات الحياة وهناك من يخاف من المرتفعات وغيرها.
لا أقول فقط بالمواجهة نقتل هذا الشعور بل بالتفكير والحوار مع الذات.
هل ما نخافه هو الذي سينهي رحلتنا من هذه الحياة؟
هل القطط ستأكلنا لنخاف منها؟
هل الجبال ستسقطنا من أعلى قممها؟
هل المرض لن يجيء لنا في حال خشينا منه؟.
هل سنرد الموت عنا إذ خشينا منه؟.
الحوار مع الذات أحد أهم الخطوات للتجاوز، أن تقف وتتأمل سقف حجرتك وتتساءل مع نفسك عن كل شيء وتناقشها هذا ليس جنونا أو خطأ بل أعتبرها نضوجا وكل فرد منّا يحتاج الحوار الذاتي ومن خلاله نستطيع أن نتغلب وننجز ونحقق أحلامنا.
فهذا الخوف شبح يسرق منّا لحظاتنا وهو شيء غير محسوس سراب يتسرب إلينا بطريقة غير مفهومة ليدمر لحظاتنا السعيدة.
وفي الحقيقة الأشياء التي نخاف منها لن تعطل شيئا نريده ولن تنهي رحلتنا بل خوفنا هو الذي سينهي قصتنا باكرًا من هذه الحياة.
** **
- ريوف الفيصل