ألفيتُهُ رَهْنَ الشوارعِ ماسِحاً
للأحذيه
والعُمْرُ في عُمْرِ الطُفولةِ قدْ أَتَمَّ
ثمانِيَه
وأراهُ مَكْسورَ الجَناحِ ولا أكُفٌ
حانِيَهْ
ما عاشَها تِلْكَ الطفولةَ أوْ دَراها
ما هِيَه
أزْرَتْ بهِ دُنياهُ في أطرافِها
المُتَرامِيه
عَصَفَتْ بهِ أيَّامُهُ عَصْفَ الرِّياحِ
العاتِيَهْ
ألْقَتْ بِهِ فوْقَ الرصيفِ على شفيرِ
الهاويهْ
والعابرونَ أمامَهُ أعجازُ نَخْلٍ
خاويهْ
جَلَسَ الصَّبِيُّ مُضَمِّداً تِلْكَ الجُروحَ
الدامِيَهْ
والوَجْهُ يَبْسُمُ إنَّما عَيْنُ الطُفولةِ
باكِيَهْ
ألْفَيْتُهُ مُتَكَسِّباً مِنْ رائِحاتٍ
غادِيَهْ
يجني القليلَ بِكَسْبِهِ كيما يُحَقِّقَ
أُمْنِيَهْ
فأتيْتُهُ ... بَشَّ الصغيرُ وقالَ: هاتِ
الثانِيَهْ
لمَّا انتَهى أكرَمْتُهُ ... قدَّمْتُها لَهُ
أُعْطِيَهْ
ودَّعْتُهُ وشَكَرْتُهُ ... فدَعا إلَيَّ
بعافِيَهْ
ومَضَيْتُ مَحْزوناً على طِفْلِ الحياةِ
القاسِيَهْ
يأبى التَّسَوُّلَ راضِياً مَسْحاً ... بنَفْسٍ
راضِيَهْ
ترعاهُ أرصِفَةُ الشوارع في ظلالِ
الأبْنِيَهْ
طِفْلٌ كزَهْرِ الرَوْضِ لكِنْ ما لَهُ مِنْ
ساقِيَهْ
غَضٌ ولَمْ تَرْحَمْ طفولَتَهُ البريئَةَ
غاشِيَهْ
فيتيهُ في دَرْبِ الحياةِ كراحِلٍ في
بادِيَهْ
ما ذَنْبُ هذا الطِفْلِ حتى تَخْتَطِفْهُ
مآسِيَهْ
يَحيا على بُؤْسٍ ويَحْلُمُ بالقُطوفِ
الدانِيَهْ
طِفْلٌ بلا عِلْمٍ ولا فَرَحٍ وحتى
أُغنِيَهْ
جيلٌ مِنَ الأطفالِ تاهَ ... فهَلْ باُذْنٍ
صاغِيَهْ
مَنْ يُبْصِرُ المأساةَ حقاً في عيونٍ
واعِيَهْ
مَنْ يحمِلُ الوِزْرَ الوَبيلَ ... ومَنْ يواجِهُ
قاضِيَهْ
مَنْ يا تُرى المسؤولُ عنْ هذي الطفولَةِ؟
مَنْ هِيَهْ؟
ما مِنْ جوابٍ غَيْرُ صَمْتٍ مُطْبِقٍ في
ثانِيَهْ
رُحماكَ ربِّي إنَّها مأساةُ جيلٍ
طاغِيَهْ
أطرَقتُ طَرْفي ثُمَّ تابَعْتُ المَسيرَ بحَسْرَةٍ
متناهِيَهْ
** **
- د. فواز غالب عابدون 2019/09/15