عبود بن علي ال زاحم
الفشل الذي اصطدمت به دراسة إدارية، حاولت وضع يدها على مكمن تميّز الموظف النجم، مقارنةً بالموظف العادي، وجمعت خلالها إجابات طُرحت أسئلتُها على شركات معروفة، تلخّصت في الاعتقاد بأن الموظف النجم أكثر ذكاءً وطموحاً وإتقاناً لعمله ولمهارات الاتصال من نظيره العادي، وأقدر على الابتكار ومعالجة المشكلات.
وخلصت الدراسة إلى تحديد ثلاثِ سِمات يتميّز بها الموظف النجم، هي السمات الذهنية، والشخصية، والاجتماعية.
لكن تحليل عيّنةٍ عشوائية من الموظفين النجوم والعاديين، أثبت أن هذه السمات مشتركة بين الفريقين، ما يعني بطلان أساس الدراسة كلّها.
هذا الفشل في نتائج الدراسة السابقة، دفع الباحثين إلى افتراض أن تميّز الموظّف يكمن في نمط استخدامه للمهارات والسمات، لا في مجرّد امتلاكه لها.
وتمكّن الباحثون -بحسب روبرت كيلي، مؤلف كتاب (كيف تصبح نجماً لامعاً في العمل؟)- من رسم 9استراتيجيات موصلةٍ إلى النجومية، قد يكون الفرق في ترتيبها ونوعية كلٍّ منها، هو ما يميّز الموظفين النجوم عن العاديين.
احتلّت (المبادرة) المرتبة الأولى في سُلّم هذه الاستراتيجيات، واختلفت أولويتها ونوعيّتها بين الفريقين، فبينما تقتصر نوعية المبادرة لدى الموظف العادي على تحسين وتسريع أداء مهامّه دون غيرها، يبحث الموظف النجم -بدافع ذاتي- عن الفرص ويتحيّنها، ليتقدّم بنفسه وبشركته خطوةً وخطوات إلى الأمام.
بينما تمثلت الاستراتيجية الثانية في (شبكات العلاقات)، وهي الأخرى تختلف بين الفريقين في نوعيتها ومردودها الإيجابي لمصلحة العمل، فبينما تقتصر علاقات الموظفين العاديين على سماع وتبادل الأحاديث الجانبية والشائعات والنكات، يسعى الموظفون النجوم إلى استثمار العلاقات بالسؤال والحديث عن سُبل تطوير العمل، والإلمام بالاختصاصات المختلفة.
أما الاستراتيجية الثالثة فحملت عنوان (إدارة الذات)، وكَمُنَ الفرقُ بين الموظفين العاديين والنجوم في هذه الاستراتيجية، في تفسير الموظف العادي لإدارة الذات بأنها إدارة للوقت، لتقسيم الأعمال المطلوبة منه في المدة المحدّدة لإنجازها، بينما يجد الموظف النجم الوقتَ الكافي لإنجاز المزيد من المهامّ والمبادرات.
الاستراتيجية الرابعة حملت لافتة (رؤية الصورة الكاملة)، وفي هذا الاستراتيجية يبحث الموظف النجم عن الرؤى المهمة المختلفة، ويسعى إلى بلورتها وتطبيقها عملياً، في حين يكتفي الموظف العادي بإطلاق الشعارات وتكرارها أمام الإدارة.
(مهارات التبعية) هي الاستراتيجية الخامسة من استراتيجيات النجومية الوظيفية، وتتعلّق بطبيعة علاقة التبعية بالرؤساء والمتنفّذين في المؤسسة، إذ يُتقن الموظف النجم أسلوب التبعية الإيجابية.
أما الاستراتيجية السادسة فتتعلّق بـ(مهارات القيادة)، التي يختزلها الموظف العادي في القدرة على فرض الرأي والسيطرة على الآخرين، بينما يمارس الموظف النجم قيادةً هادئة من غير سلطة ولا استعراض.
أما (روح الفريق) فهي الاستراتيجية السابعة، وهي بالنسبة للموظف العادي، مجرّد الانضواء تحت لواء فريق من فرق العمل، فيما يسعى الموظف النجم إلى تفعيل المشاركة الحقيقية لا المظهرية، وإلى الاستفادة من كلّ أعضاء الفريق لإنجاز المهام.
الاستراتيجية الثامنة تتّصل بـ(المعرفة التنظيمية)، وتقتصر لدى الموظف العادي على معرفة مواعيد الإجازات بأشكالها، وبدلات السفر والمكافآت وما شابه، بينما يدرك الموظف النجم أن المعرفة التنظيمية تشمل مراعاة المصالح المختلفة داخل المؤسسة، والسعي لتحقيق مصالح كل الأطراف.
وأخيراً.. يَعتقد الموظف العادي أن مهارة (العرض والاستمالة) -وهي الاستراتيجية التاسعة والأخيرة- أهمّ المهارات على الإطلاق، والأولى بأن تكون في المرتبة الأولى، لاعتقاده بأنها تعني القدرة على جذب اهتمام الإدارة، من خلال مهارات استعراضية، بينما يعتبرها الموظف النجم آخر المهارات الأساسية، وأن أهميتها تكمن في السماح بإقناع من حولك بالثقة في خبرتك.