ميسون أبو بكر
حكاية زوجة رئيس وزراء سنغافورة التي ظهرت في زيارة رسمية لها مع زوجها إلى البيت الأبيض تحمل حقيبة زرقاء من قماش بسيط لا تحمل أي علامة تجارية معروفة أثارت جدلاً واسعاً وانتقاداً كبيراً وقتها في الصحف العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث لا تقتصر كواليس السياسة في البيت الأبيض على السياسيين فقط، بل تكون الأضواء مسلطة على زواره أيضاً، فزوجة الرئيس الأمريكي ميشيل أوباما سبق أن تعرَّضت لانتقادات متكرِّرة نتيجة لأزيائها، وسخر منها مصمم أزياء البيت الأبيض الذي استغنت عن تصميماته في ملابسها.
الحقيبة الزرقاء وموجة الانتقادات التي وجهت لحاملتها أماطت اللثام عن سر الحقيبة الذي مكَّن بعد تلك الزوبعة طلبة مدرسة التوحّد من بيع مئتي حقيبة يومياً بعد أن ذاع صيتهم عقب قصة زوجة رئيس الوزراء السنغافوري والتي كانت ابتاعتها من معرض نظَّمته مدرسة أطفال التوحّد الذين يقومون بأيديهم بصنع هذه الحقائب والتي لا يتعدى سعرها 12 دولاراً.
القصة لها معان جميلة؛ وأبعاد عميقة؛ فاهتمام الإنسان برسالته في الحياة أكثر من المظاهر هي رسالة قدمتها «هو» للعالم، حيث في عالمنا العربي يتعرَّض المجتمع لهجمة البراندات وتقليد مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يروِّجون لبضائع تفوق أثمانها الطاقة الاستيعابية لبعض الأسر والتي ترهق رب المنزل في محاولة لإرضاء أهل بيته وإلحاحهم.
عندما عدت من إجازتي السنوية لفرنسا سألت نفسي هل أستطيع الاحتفاظ بنمط الحياة الذي مارسته هناك لأسابيع؟ ملابس بسيطة وأحذية رياضية وعدم مبالغة في ارتداء الحلي؟ مكنني هذا النمط من الاستمتاع بحياتي أكثر، المشي لمسافات بارتياح وتحمّل موجة الحر الشديدة التي اجتاحت العالم وأوروبا، وتجنب السرقات، في الغرب، الإنسان يعمل بجد من ساعات الصباح الباكر لأجل لقمة يومه وتسديد الفواتير والضرائب وتوفير سبل الراحة في منزله ويحتفل بثمرة جهده (وبعد تعب أسبوع عمل) في العطل الأسبوعية بعشاء في مطعم مع بعض الأصدقاء على شاطئ بحر أو ضفة نهر أو مكان بحضن الطبيعة لا يبعد أكثر من عشرين دقيقة قيادة من بيته.
ألاحظ أن بعض شبابنا يميل اليوم أكثر للبساطة، المنزل حديث وبسيط وأثاث خال من التعقيد لكنه يوفر سبل الراحة بعيداً عن الصيني والمطرز والمحفر والمظاهر التي تتعب صاحبها.
الحياة البسيطة تمكِّن صاحبها من الاسترخاء والعيش براحة، والمظاهر لا تجلب إلا التعب والجري وراء الموضة ورضا الناس والخوف من انتقاداتهم، فلنرفع شعار لا للمظاهر.. نعم للبساطة.