زكية إبراهيم الحجي
ليس هناك أدنى شك في أن تعزيز التنوع الثقافي في المجتمعات يوفر أسباب تقوية وشائج التعاون بين المجتمعات المختلفة.. وذلك من خلال الحوار والتقارب بين الثقافات بوصفه تراثاً مشتركاً للإنسانية ومستقبلاً آمناً لمجتمعات لا زالت تتخبط اليوم في متاهات عالم غير آمن ومليء بالحروب والكوارث والدمار.
وكما هو معروف لدى الكثير بأن الثقافة تتخذ أشكالاً متنوعة عبر المكان والزمان ويتجلى هذا التنوع في أصالة وتعدد الهويات المميزة للمجتمعات التي تتألف منها الإنسانية جمعاء.. لذا يعتبر التنوع الثقافي مصدراً للتبادل والتجديد والإبداع وضرورته للجنس البشري تأتي من ضرورة التنوع الذي يستمده من جذور التراث الإنساني المشترك للبشرية
من نحن في عالم لا حدود في جغرافيته.. وليس من أنا أو أنت ممن يعيش في مجتمعه المحدود أو وطنه الخاص.. ثم كيف يكون الترابط بيننا في عالم تتنوع لغاته وتتشعب ثقافاته وتختلف تقاليده وعادته فيما بين دولِه.. لنتأمل جيداً الضمير «نحن» إنه إشارة إلى البشر جميعاً في هذا العالم الممتدة أطرافه شمالاً وجنوباً.. شرقاً وغرباً ونحن كنوع بشري نكشف عن قدر كبير من الاهتمام المتبادل والاعتماد على بعضنا البعض.. إذاً كيف يتأتَّى ذلك.. إن الجواب على ذلك السؤال يقترن بثراء طاغٍ من التفاصيل والتعقيدات.
إن التنوع الثقافي حقيقة واقعة وهناك مجموعة واسعة ومتباينة من الثقافات المتميزة والوعي بهذا التنوع أصبح اليوم أمراً شائعاً إذ يسَّرته العولمة.. كما أسهمت وسائل التواصل الرقمي في ربط العالم أجمع بعضه ببعض خاصة أن المجتمع البشري لا يمكن أن يعيش في عزلة بعد هذا التحول والثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم وعلاوة على ذلك فإن التنوع الثقافي أصبح شاغلاً رئيساً من الشواغل الاجتماعية المرتبطة بتنامي تنوع القواعد الاجتماعية المعمول بها داخل المجتمعات على اختلاف لغاتها ومذاهبها العقائدية وطوائفها التعددية.
وليس أجمل من أن تشهد قارات العالم احتفاءً بالتنوع الثقافي وذلك في يوم 21 مايو من كل عام وهو اليوم الذي حددته «اليونسكو» ليكون يوماً عالمياً للتنوع الثقافي إقراراً منها بأهمية التنوع الثقافي وذلك بوصفه عنصراً من عناصر التراث المشترك للبشرية جمعاء وعاملاً من عوامل السلام والتنمية والازدهار.
ولا يفوتني في هذه العجالة أن أشير إلى تعبير بليغ «للمهاتما غاندي» عبّر فيه عن جمال وحيوية التنوع الثقافي.. وبأنه ليس تراثاً جامداً، بل هو تراث حي يتأثر بكل تطور أو أيّ مستجد يتيح لكل إنسان التكيف مع كل تطور مستجد حيث قال: «لا أريد بيتاً تحيطه الجدران.. ولا أريد أن تكون نوافذ بيتي مؤصدة.. بل أريد بيتاً يدخله نسيم عليل، يأتيني بثقافات جميع البلدان» جمال التنوع الثقافي كجمال تنوع ألوان قوس قزح.. وهل هناك ما يعادل جمال وسحر ألوان قوس قزح في الأفق.