أ.د.عثمان بن صالح العامر
البعض منا يجعل من نفسه دليلاً له في قطع مراحل هذه الرحلة الصعبة التي تبدأ معه منذ لحظة ميلاده وحتى ساعة رحيله، والبعض الآخر يأخذ منهجية السير من تجارب من سبقوه في قطع هذه المراحل سواء بالقراءة أو الاستماع فيضيف لعقله عقول المتقدمين، وهذا وإن كان أحسن حالاً من سابقه إلا أنه لن يسلم من السقوط والتوقف وربما فقدت بوصلته معالم الطريق وذلك بسبب اختلاف المرجعيات بينه وبين من سبقوه في رحلة الحياة هذه، وكذا لتباين الظروف والأحوال، فضلاً عن تباعد الزمان والمكان. والثالث يتركها مرسلة بلا ضبط أو تخطيط وكيفما تأتي تأتي، وهذا غالباً إلى الفشل أقرب منه للنجاح، وهناك صنف من الناس يتخذ الخطاب الرباني مرجعاً له ودليلاً وفي ذات الوقت ينفتح بعقله الناضج الواعي على الآخر بحثاً عن الحكمة التي هي ضالة المؤمن أنىَّ وجدها فهو أحق بها، فضلاً عن أنه هو بذاته يفكر ويدرس ويخطِّط ويقيِّم بين الفينة والأخرى خطوات مساره بشكل علمي دقيق، وهذا من الطبيعي أنه جعل لنفسه هدفاً إستراتيجياً واضحاً وأهدافاً أخرى في المدد القصيرة والمتوسطة والطويلة، كما أنه جزماً يسير على خطة أساس وعنده خطط بديلة يلجأ إليها ويعرج عليها متى ما تعثَّر به المسير في أي مرحلة من مراحل هذه الحياة المليئة بالتحديات والعقبات المحفوفة بالمخاطر والصعوبات.
أعتقد شخصياً أن هذا النوع من الناس هو فقط من سينجح في مشوار الحياة خاصة في زماننا هذا الذي لا يخفى على أحد التعرجات والمنعطفات التي تواجه سالكي طريق الحياة جراء التقارب العالمي المشوه، والتغيرات الجذرية المخيفة في الخارطة الكونية المعروفة، والسلوك الإنساني التصادمي، والكثرة البشرية، والندرة الاقتصادية، والتجاذبات السياسية، والخطابات الإعلامية، و... ولذا كان لزاماً على من هم في المراحل الأول من الحياة أن يولوا هذا الأمر حقه من الاهتمام والرعاية وأن يأخذوا هذا الأمر بجدية ويتعاملوا معه بفاعلية وأمانة ومصداقية حتى يتحقق لهم بعد عون الله عزَّ وجلَّ وتوفيقه قطع مراحل الحياة خلال أيام رحلتهم المقدرة لهم من الرب سبحانه بتفوق ونجاح وسعادة واستمتاع، وفَّق الله الجيل الجديد في مشوار حياتهم، ورزقنا وإياكم صلاح النية والذرية، وإلى لقاء، والسلام.