د. محمد عبدالله العوين
تكريم مستحق هذه الليلة في النادي الأدبي بالرياض للأديب الباحث مهندس الثقافة الدكتور عبد العزيز السبيل.
وبادرة التكريم هذه تأتي في سياق احتفاء بلادنا بالمتميزين من خلال منحهم الأوسمة التقديرية العالية والجوائز الكبيرة؛ كما هو الشأن في الشخصية المكرَّمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وعلى منوالها جوائز عدة من مؤسسات وهيئات مختلفة، وهذا الإيمان بضرورة الاحتفاء بالمبدعين في كل المجالات يحفزنا على تجديد الدعوة والإلحاح في طلب عودة (جائزة الدولة التقديرية في الأدب) التي منحت دورتين عامي 1403 و1404هـ ثم توقفت، ويمكن تعديل شروطها القديمة وتوسيع مجالاتها لتشمل الفن بصورته الواسعة.
وقد اجتهد الدكتور عبد العزيز حين كان وكيلاً للشؤون الثقافية ما بين عامي 1425- 1430هـ مع نخبة من الأدباء على إعادة صياغة جائزة الدولة برؤية جديدة تتسق مع المعطيات الأدبية والثقافية الجديدة حينها.
ونحن اليوم في مرحلة التحول وعلى مشارف الدخول إلى رؤية 2030م يلزمنا مواكبتها بتحفيز المبدعين وتشجيعهم ودفعهم إلى إثراء مشهدنا الأدبي والثقافي والفني بما ينسجم مع الصورة الجديدة لوطننا المنفتح على العالم بما يكنزه من طاقات إبداعية تشكل القوة الناعمة القادرة على إعادة رسم الصورة الذهنية عن بلادنا بسلاسة وهدوء.
وتكريم الدكتور عبد العزيز السبيل يأتي في هذا الاتجاه الجميل الذي يشكر المنجز والمبدع والعامل المخلص في حياته؛ ليشعر بوفاء أهله ومجتمعه ودولته له وتقديرهم ما عمل وأبدع، وقد أسهم السبيل إسهاماً كبيراً في مجالين مهمين؛ هما:
تأسيس بنية تحتية شديدة التنظيم للعمل الثقافي والأدبي والفني، وقد استغرق منه ومن فريقه العامل معه إبان قيادته دفة وكالة وزارة الثقافة جهداً كبيراً من خلال الاجتماعات المتتالية على مدى أسابيع في كل مجال، وأثمرت عن وضع نظام الأندية الأدبية وانتخاباتها، والفنون التشكيلية والمسرحية ومعرض الكتاب ودعم الكتاب السعودي والحضور الثقافي السعودي في الدول العربية والإسلامية والعالمية من خلال (أيام سعودية) وكان حضوراً جميلاً ومشرفاً ومعرفاً بالأدب والفن والتراث والفلكلور في المملكة.
وأسهم السبيل في تنشيط حركة البحث والإبداع بتأسيسه مجلات دورية متخصصة تعنى بدرس الأدب السعودي والتعريف به وبناء جسور معرفية مع الآداب والثقافات العالمية المختلفة في دوريتي (الراوي) و(نوافذ) الصادرتين عن النادي الأدبي بجدة.
وعرف بالأدب السعودي بمحاضراته ومشاركاته في ندوات مختلفة في الداخل والخارج وبما كتبه من بحوث ومقالات على مدى أكثر من ثلاثين عاماً.
وكما وضع أسس العمل الثقافي يضع اليوم مع زملائه أعضاء مجلس الأمناء في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إستراتيجية وخطط العمل في المركز بصورة محكمة تحقق الغايات الوطنية السامية التي أنشئ من أجلها.
وإن كنت أومأت إلى (جائزة الدولة التقديرية في الأدب) المأمول إعادتها قريباً إن شاء الله فإن السبيل من أوائل المستحقين لها بما قدَّم من أعمال جليلة مختلفة.
وإلى كونه مؤسساً للأنظمة الثقافية والحوارية يتسم السبيل بالاعتدال في الفكر والحكمة والهدوء والبصيرة بما يحقق النفع العام ويجمع ولا يفرق.