محمد سليمان العنقري
أُنشئت هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية منذ عام تقريبًا بهدف زيادة الاعتماد على المحتوى المحلي بالمنتجات والمشاريع والخدمات المقدمة داخليًّا؛ وذلك لدعم استدامة الاقتصاد الوطني، والمساهمة في توليد الوظائف، وتعظيم القيمة المضافة من المنتجات المحلية الخام والوسيطة. وتتولى الهيئة العديد من الجوانب التنظيمية فيما يخص المشتريات الحكومية، والتركيز على القطاعات ذات المكاسب الكبيرة لتنمية مساهمة المحتوى المحلي.
وبالتأكيد فإن الهيئة لا يمكن أن تصل لتلك الأهداف التي جاءت ضمن رؤية 2030م وحدها؛ فهي تطلق برامج شراكة متنوعة لتحقيق ذلك مع شركات وجهات عديدة، غير أن ما يعد ركيزة أساسية في تحقيق المنفعة الواسعة من المحتوى المحلي هو القيمة التي سيمثلها بكل منتج؛ فقد تكون نسبة المحتوى المحلي في سلعة ما تفوق 50 % لكن هذه النسبة قد لا تشكل من تكلفة المنتج سوى جزء بسيط، إما عشرين أو ثلاثين في المئة بأفضل الأحوال؛ وهو ما يعني أن عامل قيمة المحتوى المحلي يعد العنصر الأساس لتعظيم الفائدة بالاقتصاد؛ فقد تمثل قيمة الشرائح الإلكترونية أو البرامج المشغلة بأي جهاز أكثر من 60 % من قيمته، وحتى تكلفته، مع العلم أنها من حيث الحجم ونسبتها من مكونات الجهاز قد لا تتعدى 20 %؛ وهو ما يعني أنه من الأهمية بمكان أن يكون استقطاب الاستثمارات مستقبلاً يتركز على توطين مثل هذه الصناعات التي تمثل القيمة الأكبر بتكلفة وقيمة المنتجات على اختلاف أنواعها.
كما أن المحتوى المحلي لا يقف فقط عند تصنيع المواد أو القطع التي تدخل بالإنتاج، بل أيضًا يضاف لذلك التصميم والعمل الهندسي، وهو ما يمكن أن يتم التركيز عليه ليكون لدينا مراكز متخصصة بالتصاميم، تخدم شركات محلية وعالمية.. وهذا الأمر يتطلب التعاون مع الجامعات لإنشاء مثل هذه المراكز وتشغيلها، وخصوصًا أن نظام الجامعات الجديد يسمح لها بإنشاء شركات أو المساهمة بها، وسيكون البحث العلمي أحد مصادر تمويل الجامعات.
المحتوى المحلي مساحة واسعة من الخيارات، ولا يمكن تحقيق الأهداف المرصودة له إلا بتضافر جهود الجهات العامة كافة والقطاع الخاص، مع التركيز على هوية وطبيعة الاقتصاد الوطني، وما يقلل من فاتورة الواردات، ويرفع من دور القوى العاملة الوطنية بالاقتصاد وما ينتجه.. كما يتطلب تحديدًا أكثر للمحتوى المستهدف بناء على القيمة التي يؤثر بها بالمنتج أو الخدمة؛ لتكون المساهمة كبيرة بالناتج المحلي.