م. خالد إبراهيم الحجي
إن جميع الشعوب تسعى بجد واجتهاد، وتكدح باستمرار دون ملل أو كلل بالاعتماد على أنفسهم لرفع مستويات المعيشة، وتحقيق الحياة الكريمة لها بتنويع مصادر الدخل بالاستثمار، وتوظيف رؤوس الأموال لزيادة التنمية الاقتصادية، وارتفاع الدخل القومي، وزيادة الإنتاجية، وتحقيق التقدم والتطور والرفاهية التي تعد من أهم الأهداف الرئيسية لكل المجتمعات وجميع الدول؛ لذلك فإن جميع المسؤولين القائمين على إعداد الخطط الخمسية والعشرية والرؤى المستقبلية، وصياغتها، ومتابعة تنفيذها، يوظفون السياسات الاقتصادية، والسياسات التعليمية، والعمالية، والصحية، والعسكرية... الخ، المكملة لها، لتحقيق الأهداف الرئيسية السابقة.. وتحديد الوضع الاقتصادي لجميع الدول يتأثر بإجمالي الناتج المحلي (GDP) المحقق لها، ويترتب عليه، ويقاس به، وهو يساوي القيمة النقدية المحققة من أسعار بيع جميع الخدمات والسلع والمنتجات والإيرادات المحققة من تصديرها خلال عام واحد. وإجمالي الناتج المحلي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنتاجية وهي، مصطلح اقتصادي، تعني القيمة المالية لإنتاج العامل الواحد خلال ساعة واحدة تذهب إلى إجمالي الناتج المحلي للدولة. والإنتاجية، وإجمالي الناتج المحلي، يقود كل منهما إلى الآخر، ويؤدي إليه، والعلاقة بينهما طردية، فكلما زادت الإنتاجية بمقدار معين ازداد إجمالي الناتج المحلي بزيادة تتناسب معها، والعكس صحيح، فكلما نقص أحدهما بمقدار معين أدى إلى نقصان نسبي في الآخر. ومعدل الإنتاجية يتم احتسابه بقسمة مقدار الناتج المحلي الإجمالي للدولة على عدد جميع ساعات العمل التي بذلتها الأيدي العاملة، وقضتها في تحقيق ناتجها المحلي الإجمالي.. ويمكن تبسيط وتسهيل حساب معدل الإنتاجية وتوضيحه بالمثال التالي: لنفترض أن هناك دولة صغيرة جداً، إجمالي ناتجها المحلي يساوي مبلغ مليون دولار في ربع السنة الأول، وعدد سكانها مائة فرد، العمل فيها بنظام الأسبوع بمعدل خمسة أيام في الأسبوع الواحد، يعمل الفرد الواحد (8) ساعات في اليوم الواحد، إذاً يصبح إجمالي عدد ساعات العمل للفرد الواحد في الأسبوع الواحد (40) ساعة، ويصبح إجمالي ساعات العمل للمائة فرد في الأسبوع الواحد (4000) ساعة. وحيث يوجد أربعة أسابيع عمل في الشهر الواحد، يصبح عدد أسابيع العمل في ربع السنة الأول (12) أسبوعًا؛ ويصل إجمالي ساعات العمل في ربع السنة الأول إلى (48000) ساعة على مستوى الدولة الصيرة؛ وبالتالي فإن معدل الإنتاجية فيها يساوي ناتج قسمة المليون دولار على عدد ساعات العمل لجميع العاملين التي بلغت (48000) ساعة عمل؛ الذي يساوي (20.83) دولار لكل ساعة عمل لكل فرد في هذه الدولة. وزيادة معدل الإنتاجية وارتفاعه يدل على تقدم الدول وقوة اقتصادها؛ لأنه يزيد رؤوس الأموال، ويرفع الدخل القومي لها، ويساعد على شراء المزيد من المنتجات والخدمات التي تحتاج إليها الدول؛ والدليل على ذلك أن أيرلندا تأتي في مقدمة دول العالم في معدلات الإنتاجية لكل فرد واحد في الساعة الواحدة، بمعدل يزيد مقداره على (85) دولاراً، تليها لكسمبورج بمعدل يزيد على (79) دولاراً، ثم الدانمارك وبلجيكا بمعدل يزيد على (64) دولاراً. كما يصل متوسط معدل الإنتاجية في مجموعة الدول الصناعية السبع (أمريكا، كندا، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، واليابان) إلى أكثر من (56) دولاراً، بالمقارنة مع معدلات الإنتاجية في روسيا أكثر من (24) دولاراً، ومعدل جنوب أفريقيا بأكثر من (23) دولاراً. حسب تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2017م.. وحساب معدلات الإنتاجية وقياسها معلومات ضرورية جداً، تستخدمها كثير من الدول المتقدمة للمقارنة بين معدلات الإنتاجية للفترات السابقة، وللمقارنة بينها وبين معدلات الإنتاجية في الدول الأخرى، للعمل على زيادة المنافسة الإنتاجية وإذكائها في الدولة.
الخلاصة:
يجب أن تسعى الجهات المختصة (هيئة الإحصاءات العامة) إلى قياس معدلات الإنتاجية في الدولة والإعلان عنها في وسائل الإعلام المختلفة.