فوزية الجار الله
(لو أردت فهم الحاضر فادرس الماضي) - بيرل باك -
لم أكن أنوي بحثًا أو دراسة بالمعنى الدقيق للكلمة، لكنني صادفت شيئًا ما أدهشني وأسعدني..
حدث ذلك أثناء جولتي المعتادة خلال منعطفات الإنترنت صادفت موضوعًا حول مجلة الكواكب المصرية القديمة، يبدو أن هذه المجلة قد صدرت في الخمسينات الميلادية، لم يتبق من هذه المجلة في ذاكرتي سوى بضع صور ضبابية، أتذكر أنها ضمن المجلات التي تصفحتها وقرأت شيئًا منها في مرحلة مبكرة من حياتي.. وبدافع الفضول والرغبة في المعرفة اخترت عشوائيًا واحدًا من أعدادها المحفوظة على الإنترنت، وبدأت في تصفحها بمنتهى الدهشة والمتعة، من خلال ما تضمنته المجلة تتعرف على جانب مهم من ثقافة المجتمع العربي في تلك الفترة بشكل عام والمجتمع المصري بشكل خاص وبشكل أدق على المجتمع الفني..
هناك صورة للممثلة (شيرلي جونز)، شخصيًا لا أعرفها، لكن يبدو أنها كانت ممثلة مشهورة في ذلك الزمان، يبدو أن الصورة الأصلية كانت باللونين الأسود والأبيض ثم تم تلوينها قليلاً باللون البرتقالي وقد تم قصها واختراع خلفية مرسومة خلفها باليد وقد تضمنت مجموعة من الناس يرتدون ثياب البحر، بينما ظهرت الممثلة بكامل ملابسها المحتشمة وهذه من العجائب ضمن المجلة!
تضمن العدد أيضًا إعلانًا مكررًا لمجلة الهلال، يقول إن هذا العدد يتضمن رواية للروائي الخالد (أو نورويه دي بلزاك)، عنوان الرواية (امرأة في الثلاثين) يستعرض شيئًا من أحداث الرواية وكأنما يقول للقارئ: احرص على اقتناء المجلة كي لا تفوتك الرواية!
تضمن العدد أيضًا صفحة لأخبار أهل الفن العرب والأجانب، بعض هذه الأخبار يبدو مهمًا وبعضها يبدو شديد الخصوصية والآخر يبدو شديد التفاهة، على سبيل المثال:
(اقترح زكي طليمات تحريم بيع الخمور في نادي نقابة الممثلين على إثر بعض مشادات قامت بين بعض الأعضاء بسبب الخمر)..
(اتصل فريد الأطرش تلفونيًا من باريس بشقيقه فؤاد الأطرش ودعاه إلى السفر إلى أوروبا ليكون إلى جانبه في إحدى المصحات)..
احترفت جوزان بيرنجر خطيبة مارلون براندو السابقة تدريس اللغة الفرنسية للممثلات بعد أن ضاقت بها سبل العيش في هوليود)..
لم أجد في هذا العدد اسمًا لرئيس التحرير ولا اسمًا واحدًا لأحد من هيئة التحرير، لكن لمست بأن أسلوب الكتابة في معظم المقالات يتضمن ملامح لأسلوب «مفيد فوزي»..
أحد المقالات تضمن حديثًا حول شهرة أم كلثوم وأنها كانت تحتل ليلة الخميس في مطلع كل شهر، حيث تذاع أغانيها عبر إذاعتي القاهرة وصوت العرب.
كان ذلك مجرد عرض سريع لما تضمنه العدد الذي يبدو فيه الفرق الشاسع بين القديم والحديث على مستوى الصحافة والثقافة والفن، العدد المذكور هو العدد رقم (258) وقد صدر في الأول من يوليو 1956م - 2 من ذي الحجة 1375هـ، أي منذ نحو ثلاثة وستين عامًا، وفيما يبدو أن للحديث بقية...