محمد آل الشيخ
دولة لبنان تواجه وضعاً سياسياً واقتصادياً كارثيا وليس له على ما يبدو حلا، وفي تقديري أن الخروج من هذا الوضع الكارثي لن يتحقق إلا بحرب أهلية، تحيل لبنان إلى صومال آخر. مشكلة لبنان ومعضلته الكبرى وجود كيان إرهابي اسمه (حزب الله) وهو حزب سياسي مسلح، يتلقى أوامره من طهران، وهذا الحزب أولويته ليس الدفاع عن لبنان، ولا يهمه الأمن والاستقرار والتنمية فيها، وإنما أن يكون لبنان (خط الدفاع الأول) عن إيران، مهما كانت الخسائر والتبعات. ولا أعتقد أن ثمة لبناني واحد، حتى كوادر حزب الله نفسه، يختلف معي في ذلك. وهو كما صرح أمينه العام (حسن نصر الله) علنا وعلى رؤوس الأشهاد يتلقى تمويله وأسلحته ومرتبات أفراده وكل ما يحتاجه من إيران، ورغم هذا الاعتراف بالتمويل من دولة خارجية، لا يستطيع الساسة في لبنان أن يصفوا ذلك بالفساد، مع أن ممارسة كهذه هي ليست فسادا فحسب، وإنما (خيانة عظمى) في كل دساتير وأعراف وأنظمة العالم.
إيران الآن تئن وتشتكي من الحصار الأمريكي الخانق، وأوضاعها الاقتصادية المهترئة، لذلك يعتبرها رئيسها حسن روحاني أسوأ أزمة مرت بها ثورة الخميني منذ تاريخها، وما زال هذا الحزب هو المهيمن بلا منازع على السياسة اللبنانية الداخلية والخارجية، ولأن إيران تعاني أشد المعاناة اقتصاديا، تضاءل دعمها للحزب بما يزيد عن 80 % عما كان عليه سابقا، ومع ذلك مازالت هيمنته مستمرة على السلطات في لبنان، ابتداء من رئيسه الجنرال عون، ومرورا برئيس الحكومة الحريري، وانتهاء برئيس البرلمان نبيه بري.
لهذا السبب يمكن القول إن لبنان يسعى بخطى حثيثة إلى الإفلاس، وتراكم الديون، وعدم قدرة البنوك لتمويل العجز المالي، والثورة التي تطالب بإسقاط (جميع) السياسيين بلا استثناء تتفاقم يوما بعد يوم، والحزب ومعه السلطات التي يهيمن عليها عاجزة عن تلبية متطلبات الثوار، الذين يطالبون بوزارة تكنوقراط بدلا من السياسيين الحزبيين الحاليين.
والسؤال : هل لو أذعن حزب الله ومعه الرئيس الصوري عون بقبول ما يطلبه الثوار ستنفرج المشكلة؟.. أجزم أنها لن تنفرج، والسبب أن جهات التمويل الدولية لها شروط ولديها متطلبات لن يقبل بها الثوار، لأن أهم هذه الشروط إقرار ضرائب جديدة على المستهلك اللبناني، وهذه النقطة بالتحديد هي التي أشعلت أصلا الثورة، أضف إلى ذلك أن الرئيس عون بتحالفه مع حزب الله، جعل إمكانية حصوله على إعانات أو قروض من الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص، أمر هو المستحيل بعينه، لذلك فإن أياما كالحة السواد تنتظر لبنان، خاصة وأن اللبنانيين يحكمهم رئيس أهوج، يدافع عن الحزب، ويذب عنه، كما يدافع عن جيش لبنان، ويبدو أن منطقه الذي يمارسه في سياساته يقول (إذا مت عطشان فلا نزل القطر) فهمه الأول كرسيه، وثانيا أن يرثه بعده صهره وزوج ابنته جبران باسيل، وإن لم يصل إلى هذه المعادلة فليحترق لبنان وأهل لبنان، في حرب أهلية، لن تبقي ولن تذر.
لبنان مشكلته الأولى والأخيرة حزب الله، ولن يصل اللبنانيون إلى حل طالما أنهم يحرقون لبنان وإنسان لبنان، لتبقى طهران.
إلى اللقاء