د. صالح بكر الطيار
تابعتُ ما نقلته الصحف قبل أيام من خبر عن الحكم بالسجن والغرامة على قياديين في إحدى المناطق؛ تورطوا في قضايا فساد مالي ووظيفي ورشوة.. ولمستُ العمل المميز الذي تقوم به الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد، وصرامة النيابة العامة في قراراتها، ونزاهة القضاء لدينا، وتوجُّه الدولة بشكل حازم جدًّا في مواجهة الفساد، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التورط في كل ما يندرج تحت الفساد الذي تسبب في سنوات مضت في تأخُّر التنمية، وعرقلة المشاريع، وارتفاع نِسَب البطالة، وتعطُّل تنفيذ الخطط التنموية؛ لذا فنحن نتأمل من كل الجهات الرقابية متابعة عمل وأداء الأجهزة الحكومية، والتدقيق في سجلات الأداء والتقارير المالية والحسابات الختامية، مع ضرورة أن تكون هناك فِرق سرية لمتابعة الخلل في تنفيذ الخدمات والأخطاء المتعلقة بذلك، مع أهمية توفير خطوط ساخنة مع المواطنين للكشف عن الفساد، ورصد السلبيات المتعلقة بهذا الداء العضال الذي شلّ حركة النماء في البلاد سنين طويلة.
وعلى جانب مهم من الموضوع يجب أن يكون المواطن داعمًا لتلك الأجهزة، ومحاربًا للفساد في كل المواقع؛ فإن رأى أو تأكد أو اشتبه بأي تورط في الفساد عليه أن يبادر بالإبلاغ، وأن يكون الجميع عيونًا للدولة في ردع الفاسدين، وفي الكشف عن مخططاتهم، وفي رصد المتلاعبين.. وليعلم الجميع أن الكشف عن الفساد واجب وضرورة على كل مواطن غيور في هذا الوطن.
لذا فإن تثقيف المجتمع بأهمية الأدوار الملقاة على عاتق كل مواطن في سبيل القضاء على الفساد، وفي إعانة الدولة في تنفيذ خططها لصناعة مستقبل مشرق خال من الفساد، أمر مهم وضروري، ويجب على أئمة المساجد أن يكثفوا في خطب الجمعة الحديث عن أهمية وجود المواطن صفًّا واحدًا مع أجهزة الحكومة لتعريف وتوعية المجتمع بخطورة الفساد، وأهمية تماسك وتعاضد الجميع للقضاء عليه، وانعكاس ذلك إيجابًا على الأمن الوطني، وعلى منع ووقف العديد من السلبيات التي أضرت بالوطن والمواطن في فترة ماضية.
وعلى المدارس والجامعات والجهات الحكومية أن تضع لها خططًا مستمرة، ودورات تدريبية، وورش عمل؛ وذلك لتوضيح الفساد وسُبله وطرائقه المستخدمة من قِبل ضعاف الأنفس، والأحكام القضائية المختصة بإصدار الأحكام القضائية حتى نرى قريبًا مجتمعًا خاليًا من الفساد، على أن تكون لدينا ثقافة شمولية، تصل إلى أجيال وراء أجيال لتشخيص هذا الداء الخطير، وهو الفساد، وأهمية الوقوف بحزم من الجميع نحوه، وأمام مَن يتورط فيه.