د. أحمد الفراج
عندما تحرَّرت أمريكا من الاستعمار البريطاني، كان الفضل يعود لمن أطلق عليهم الآباء المؤسسون، وكان كبيرهم جورج واشنطن، أول رئيس للجمهورية الوليدة، وغني عن القول أن هؤلاء الآباء الإقطاعيون كانوا على درجة كبيرة من الوعي، ولذا كتبوا دستوراً خالداً، لا تزال أمريكا تسير على هدي ما ورد فيه، رغم أنه تم تعديل بعض بنوده، تبعاً للتطورات التي حدثت بعد ذلك، وضيفنا اليوم هو أحد هؤلاء الآباء، الرئيس جيمز مونرو، الذي ولد في ولاية فرجينيا، الولاية التاريخية العريقة، ودرس القانون على يد الرئيس المفكر، توماس جيفرسون، الذي يعتبر المنظِّر الأكبر لليبرالية الحديثة، وقد مارس السياسة على كل مستوى، فقد انتخب لمجلس الشيوخ، وبرزت جهوده هناك، ثم اختاره الرئيس جورج واشنطن سفيراً لدى فرنسا، ثم بعد فترة، اختاره أستاذه، الرئيس توماس جيفرسون، سفيراً لدى المملكة المتحدة.
كانت محطته التالية هي الفوز بحاكمية ولاية فرجينيا، وبعد ذلك عمل وزيرًا للخارجية، ثم وزيراً لوزارة الحرب، في إدارة الرئيس جيمس ماديسون، وبعد ذلك انتخب رئيساً في عام 1816، وكانت له جهود كبرى في ترسيخ الجمهورية الوليدة، فقد انضمت ولاية ميسوري إلى الاتحاد الجديد، وقد اتبع سياسة تصالحية مع بريطانيا العظمى، التي كانت تستعمر بلاده، وفي ذات الوقت، اتبع سياسة التوسع ضد الإمبراطورية الإسبانية، وكانت أهم إنجازاته، هي «وثيقة مونرو»، التي اتخذ من خلالها موقفاً معارضاً صلباً، ضد التوسع الأوروبي في أمريكا، وهي إشارة مهمة للإمبراطوريات الأوروبية بأن قوة جديدة تتشكَّل، وربما لم يدر في خلد الأوروبيين أن هذه القوة ستصبح - بعد قرن ونصف، هي القوة العظمى، التي تحكم العالم أجمع، ومع أن من يقرأ سيرة هذا الرئيس، يظن أنه سيتم تصنيفه ضمن أفضل عشرة رؤساء على الأقل، إلا أن المؤرِّخين يصنفونه في أعلى قائمة رؤساء الوسط، ربما ضمن قائمة أفضل عشرين رئيساً، وكذا صنفته الاستطلاعات الشعبية!