عبدالعزيز السماري
أحياناً أتساءل لماذا لا يحدث لدينا نجاحات مثل النجاحات الباهرة التي حققها ستيف جوب أو بيل غيتز، أو غيرهم من عشرات الآلاف الذي أثروا عالم الاكتشافات بأبحاثهم وإنجازاتهم، وما هي العوائق التي تقف حائلاً أمام الانطلاق في عالم الإنجاز والابتكار..؟؛ ولماذا يبحث العالم بكسر اللام عن التقاعد المبكر من أجل الهروب عن الحياة العملية؟.. ربما تفتح مثل هذه الأسئلة الأبواب للبحث عن إجابات شافية أو تبديد فهم خاطئ.
يعرف التحرير الاقتصادي والخدماتي والتنموي بأنه مواجهة لتلك الأنظمة البيروقراطية، إما بإلغائها أو تخفيفها من قبل الحكومة، على سبيل المثال حدث تغير ثوري في الاقتصاد الهندي منذ تبني الإستراتيجية الاقتصادية الجديدة في عام 1991. وكان لهذا تأثير كبير على جميع مجالات الحياة في الهند، وصاحبها تحرير وتطوير لكثير للأنظمة الإدارية المعقدة.
في بلادنا يوجد تقدم ملحوظ بوتيرة أسرع مما توقعنا في مسألة تحرير القيود المكبلة للعمل والإنجاز كان آخرها نظام الجامعات، والذي أطلقها للعمل خارج البيروقراطية الإدارية، لكن لا تزال التركيبة البيروقراطية في بعض الأنظمة تشكل عائقاً للعمل، فمن تجارب شخصية لم أصدق ما يحدث، فكل مدير يعمل بمعزل عن الآخر، ولا توجد قاعدة أنظمة تحكم أعمالهم، والأنظمة ليست واضحة للجميع، وغير مكتوبة في بعض القطاعات.
سأذكر ثلاثة قطاعات أولهما القطاع الصحي الإداري، لم يتغير إلى اليوم برغم من كل شيء، فما يزال يُدار بعقلية قديمة، وقد وصلت توصيات التحول الإستراتيجي إلى مرحلة السكون والتوقف، فقد أنهكتها إستراتيجية الحراك في نفس المكان في أروقة الإدارة القديمة، فالبيروقراطية المبنية على تركيبات المصالح والأيدولوجيا والإقليمية أغرقتها بصمت في القاع.
القطاع الثاني الذي وصل إلى مرحلة الشلل البيروقراطي هو قطاع البلديات الحالي، فكثرة المرجعيات الإدارية وتقاطعاتها ولّدت حالة من التشابك والغموض، ويساهم في ذلك غياب الأنظمة، واختيار كفاءات بعضها لا يصلح للعمل الإداري، وهو ما يتطلب أن يكون هناك امتحان تأهيل لمنسوبي العمل البلدي من أجل أن تكون هناك لغة مشتركة بينهم، وأن تحكم بيئتهم في العمل الرقابة القانونية، فعملهم كان ولا يزال مدخلاً للفساد.
القطاع الثالث هو كتابة العدل والقضاء، وهو أمر كما فهمت يأتي في مقدمة تحديات التنمية الحالية، ويعاني من نقص شديد في الكفاءات، ولعل اختزاله في هيئة محددة، وفكر ضيق يعيق من تطوره، بالإضافة إلى صغر سن منسوبيه، وعدم اجتماعهم على نظام موحد، وهو وسيط في غاية الأهمية في مسألة تحرير الاقتصاد ودفع التنمية إلى الأمام، والحل هو في البحث عن الكفاءات التي تستطيع رفع مستواه، ثم وضع نظام وامتحانات قياس لمنسوبيه من أجل توحيد لغة العمل..حفظ الله بلادنا من كل مكروه.