خالد بن عبدالكريم الجاسر
إنها الأكثر تكاملية واستقرارًا في توفير الطاقة (النفط الخام والغاز) لأعتى اقتصادات العالم، بقيمة قدرها نحو 1.2 تريليون دولار. وتتجه المملكة لتنويع مصادر دخلها واستثماراتها في سابقة تاريخية، تدل على قدرة وعمق الأسواق المحلية، فاتحة المجال أمام الاستثمار الأجنبي لدخول السوق السعودية، وهو باعث أمل وطمأنة بطرح أسهمها للاكتتاب العام؛ لتتبادر المخاوف الواهمة من أعداء الوطن، التي لا تلبث أن تتبخر برؤية حالمة، تؤتي ثمارها الحين بعد تقييم أرامكو بتريليونَي دولار، وبيع 5 % منها بقيمة 375 مليار ريال، إضافة إلى طرحها في بورصة نيويورك؛ ليكون الطرح ما بين 1 و2 % من أسهمها في البورصة؛ لتصبح شركة مساهمة مشتركة، تمنح المواطنين والمستثمرين الحق في الامتلاك المباشر لجزء قيّم من أرامكو، ولكن.. هل طرحه سيكون محليًّا أم يخالطه «الاكتتاب الأجنبي»؟
قد يغطي المستثمر السعودي الأسهم المطروحة إلا أنه قد يكون من ضمن السياسات الرشيدة طرح بعض الأسهم للمستثمر الأجنبي، واستخدام عوائد البيع لاستثماره في مجالات أخرى، سواء كانت تنموية محلية أو دولية، كنوع من تحفيز المستثمر الأجنبي لدخول السوق السعودي. وهي فرصة كبيرة للمستثمر السعودي والأجنبي معًا؛ وهو ما يتيح سيولة كبيرة جدًّا، تنعكس بالإيجاب على السوق المحلية، ويحولها لسوق عالمية، يتسابق عليها المستثمرون؛ وهو ما ينعش الاستثمار، ويسهم في تنوع مصادر الدخل، ويقلل من الاعتماد الكامل على النفط فقط. وهنا نرى مدى استفادة أرامكو من تطبيقات «الحوكمة» التي تطبَّق في السوق المالية السعودية؛ لما تتمتع به الشركة من موقف مالي قوي، وتدفقات نقدية، صنفتها مؤخرًا ضمن الأفضل دوليًّا بفضل منهجها الصارم في تخصيص رأس المال، وتطبيق الضوابط المالية الدقيقة، خاصة أن كلفة الإنتاج هي الأقل، من أجل تحقيق استدامة لأعمال الشركة التي حلم بها الملك عبدالعزيز في خطاب مؤرخ وموجَّه لأمير بريدة عبد العزيز بن مساعد، ونيته طرح 60 ألف سهم لمواطنيه من شركة الزيت مع بداية التنقيب عن النفط في السعودية قبل نحو 99 عامًا، حسب «العربية نت»؛ لنجد أن قضية طرح أرامكو قديمة، وليست حديثة. وجاء الرد في 28-1-1342 هـ من أمير بريدة: «أهل بريدة حاضرة»؛ إذ حث المؤسس مواطنيه على المساهمة في مشاريع النفط عقب اتفاقية مع شركات البترول التي حصلت على رخص التنقيب في الدولة الناشئة. كما أورد في خطابه أن المساهمة ستعود على المساهمين بالربح الكبير، وأن «الأجانب سيكون لهم نصيب من الحصص، وأنهم يبذلون جهدًا للحصول على حصة أكبر من هذه الأسهم، حتى لو دفعوا مبالغ تزيد على السعر المحدد للسهم».
وتابع خطابه: «وأنتم تدرون أن لنا أصحابًا من العرب، وكلُّ منهم يطلب منا أن نعطيه من هذه الأسهم، وما جاوبنا أحدًا عن ذلك كله، ونحن نحب أن تكون بيد الرعية ومصلحتها لهم.. إذ إن الوقت ضيق، والعمل قريب».
وقفة: ارتبط اسم أرامكو بالعديد من الأرقام القياسية؛ كونها أكبر شركة نفط برأس مال ضخم، يضاهي أكبر منافسيها من حيث رأس المال والقيمة السوقية، وهي شركة جوجل بفارق كبير؛ إذ إن رأس مال الشركة المصنفة الأولى على العالم في 2017 هو 109 مليارات دولار؛ ليبدل الطرح تصنيف الشركة رسميًّا كأول شركة في العالم من حيث القيمة السوقية بعد الخطوة الجريئة التي أخذها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد على عاتقة لتنفيذها؛ لتخطط الحكومة إلى استخدام عائدات مبيعات الاكتتاب لتمويل الاستثمارات في صندوق الاستثمارات العامة.