عبد الرحمن بن محمد السدحان
* (الإسقاط) مصطلح نفسي يصف حالة يلجأ إليها المرء أحياناً (لتبرير) خطأ اقترفه. أو (تمرير) اللوم المترتب على ذلك الخطأ إلى شخص أو ظرف أو موقف آخر!
* * *
* وتحتفظ الذاكرةُ دائمًا بـ(سيناريو التبرير) المألوف لفشل فريق كرة القدم في إحدى منافساته، فينسبَ سبب الإخفاق حينًا للمدرب، ليكون (كبش فداء) يزيحُ عن أفراد الفريق كابوس الفشل ومعاناة المساءلة أو السؤال، وقد يُعزَى سببُ الإخفاق إلى طبيعة أرض الملعب، أو إلى الطقس، أو الجمهور. وأحياناً يكون الإخفاقُ المالي للفريق سببًا رئيسيًا لمعضلة كهذه وبيئته. المهم بعد ذلك أن يظل الفريقُ، قيادةً وأفرادًا، بمنأىً عن العتاب أو العقاب!
* * *
* وهذه زوجةٌ تنْعى سعادتَها بسبب بعض الأقارب أو الجيران أو لكثافة غياب زوجها عن المنزل! وقد تلومُ (الأقمار الصناعية) لأن قنواتها الملوّنة اختطفت انتَباهَ زوجها بفنون البثَّ المباشرِ وغيرِ المباشرِ، فلم يعد يعيرها اهتَمامًا ولا انتباهًا ولا وْزنًا!
* * *
* وهذا طالب يعزُو فشله في الامتحان إلى قسوة الأسئلة أو قصور المدرس أو لتلوُّث الجو الأسري داخل المنزل، خُلفًا وخصامًا، ونحو ذلك!
* وإذا كان هذا حالُ بعَضِ الأفْرادِ، فإنّ هناك أُمَمًا وشعوبًا أسوأَ حَالاً، فبعضُ النظم السياسية تبَّرر تعثُّرَ برامج تنمية الإنسان فيها.. أو غيابَ الأمن والاستقرار لشعوبها، فتنسبه إلى منظومة (الفكر التآمري) المسلط عليها من خارج الحدود، وتتَّخِذ من هذا الفكر غطاءً حميمًا يستُر عوراتِها، تُحمّلَه أوزارَها، وتعلّق عليه أخطاءها، لتبقى هي أبدًا بمنأىً عن الحساب والعتاب، بل قد توظَّفُ شماعةَ (العدو الخارجي) لاستدرار عطفِ أو تعاطفِ الجماهير البريئةِ المغلوبةِ على أمرها.. ولتمرِّرَ من خلال هذا العطفِ المزيدَ من الأوزار والآثام!
* * *
هنا يقف المرء مُتسَائلاً:
* متى يصحُو الإنسان من سُبات الغفلة، فيواجهَ أخطاءَه بحزم وشجاعة وبأس يهزم نزعة الأسقاطِ المريض الرابض في أعماقه؟!
* متى نصارحُ أفئدتَنا بما فَعلنا، ونَلتمسُ الحلولَ لها تخلُّصًا من وزْر الخْطأ بدَلاً أن نمْرّرِه إلى الغير؟!
* متى يستيقظُ في أعمَاقِنا الإحسَاسُ بأنّنا في معظم المواقف والأحوال مسؤوُلون عن أخطائنا.. فنواجهها تقويمًا وتصويبًا، فلا تقعُ كرةً أخرى؟!
* وبعبارة أدق متى نهزم الاستسلام في أعماقنا بحثًا عن سبب أو أسباب (تحجب) العيبَ عنّا، بدَلاً من (تشويه) الآخر به؟!