فهد بن جليد
إن كنتَ تستغرق ساعة فما فوق للذهاب والعودة للعمل يوميًّا فأنت تُلقي بنفسك للتهلكة؛ وعليك إيجاد حلول سريعة لتقصير المدة؛ كونها من أسباب قصر العمر الـ11 التي توصل لها العلماء، وربطوا بينها وبين الوفاة المبكرة، ومنها أصدقاء العمل المزعجون، والمدير الحشري، والجلوس لمدة ساعة في مشاهدة التلفزيون أو متابعة برامج التواصل الاجتماعي.. فاستغراق وقت أطول للذهاب للعمل والعودة منه يوميًّا يوازي البطالة تمامًا التي ساوى الكنديون بينها وبين التدخين في المقولة الشهيرة (البطالة والتدخين يسببان الوفاة المبكرة). أضف إلى ذلك ما نعانيه في منطقتنا وبيئتنا من مسافات طويلة بين المنزل ومقر العمل، التي ما زلنا نقطعها مجانًا، وتتسبب - بأمر الله - في إنقاص أعمارنا دون أن نشعر، وعلى قول المصريين (العمر مش بعزقة)، وإن قالوا سابقًا (محدش بيموت ناقص عمر).
منذ خمس سنوات ومحكمة العدل الأوروبية تحتسب الوقت المستغرق في الذهاب إلى العمل والعودة منه ضمن ساعات العمل الرسمية. قرار الذهاب للعمل يعني أنك مستعد فورًا للقيام بالمهام المنوطة بك، وهو ما يتطلب أن تتقاضى أجرًا مقابل تلك اللحظات المهدرة التي تقضيها للوصول إلى مقر عملك، قريبًا كان أو بعيدًا. هناك أصوات في الخليج بدأت تظهر وتطالب وزارات العمل بإلزام الشركات والمؤسسات باحتساب تلك المدة ضمن وقت العمل الرسمي، ولكن لا أحد يلتفت حتى الآن لمثل هذه الأطروحات. منذ وقت مبكر ونحن نسمع أن وقوع حادث للموظف وهو في طريقه للعمل يعني أنه على رأس العمل، وما يلحق به من أضرار يُعتبر إصابة عمل؛ يستحق عليها التعويض أو التقاعد الصحي.. ولا أعرف مدى قانونية مثل هذه الأحاديث، مع احتساب وقت الانتداب بساعة السفر أو المغادرة، وليس بوقت المباشرة.
الزحام الشديد في طرقاتنا، وتعطُّل حركة السير صباحًا، ونفسية بعض سائقي وسائقات المركبات، وطول المسافة بين البيت ومقر العمل.. مسائل جوهرية، يعيشها الموظفون بشكل يومي، وهي أشبه بالرحلات القاتلة، والمعارك الخفية التي يخوضها الموظف في (موقعتَيْن شهيرتَيْن): عند الذهاب تارة، وعند العودة تارة أخرى؛ ما يتطلب لفتة إنسانية ضمن قوانين العمل، وأفكار تحسين بيئته.. وهذا كفيل بتجويد الإنتاجية، والبُعد عن المزاجية وتأثيرها، وربما تعديل المزاج العام في الشارع والطرقات قبل أماكن العمل.
وعلى دروب الخير نلتقي.