حصة بنت عبدالرحمن المقرن
يشهد العالم تحوّلاً رقمياً في الحياة بشكل عام، غيّر الكثير من المشهد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الحديث، لذلك دعت الحاجة بأن تكون «الثقافة الرقمية» محور الاهتمام ومن ضمن الأولويات التي توليها المؤسسات في المجتمعات المختلفة، وذلك من أجل نشر الوعي التقني والاستخدام الأمثل لتلك التقنية في تيسير المهام والعمليات وتقديم الخدمات للمستفيدين بكل جودة وإتقان.
وقبل التطرق إلى مفهوم الثقافة الرقمية، نود الإشارة إلى أن الثقافة هي جملة من العلوم والمعارف التي يدركها الفرد وهي تُعبر عن الموروث الفكري الذي تتميز به أمة دون الأخرى، حيث ترتبط بالقيمة الحضارية للمجتمع، تنمو وتتراجع بحسب النمو أو التخلف الحضاري له، وعليه فإن الثقافة الرقمية تشير إلى قدرة الأفراد في المجتمع على التواصل السليم مع الآخرين من خلال الوسائل التقنية المختلفة، واستخدام الأجهزة والأنظمة والتطبيقات الرقمية في تعزيز أدوارهم وتقديم خدماتهم للمجتمع مع ضرورة الالتزام بالأخلاقيات المستمدة من ثقافة هذا المجتمع، ولأن هذا التواصل والتعامل الرقمي قد يصبح يوما ما موروثا فكريا وجب الاعتناء به وطرق تأصيله ونشره لذلك كانت حجرة البدء هو غرس هذه الثقافة الرقمية في الأجيال وربطها بموروثهم الثقافي والحضاري، من خلال المؤسسات التعليمية.
وانطلاقاً من «الرؤية السعودية 2030» والتي قدمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظه الله-، حيث اشتملت على العديد من الأهداف والبرامج الطموحة والفاعلة للتنمية والاستدامة، ومنها التوجه نحو التقنية وتطويعها في العمل التعليمي عن طريق برنامج «التحوّل الرقمي» أحد برامج التحوّل الوطني 2020، أولت وزارة التعليم جلّ اهتمامها لدعم عمليات تحويل البيئة التعليمية إلى بيئة رقمية وتمكين الطلاب من التفاعل والاستفادة من التقنيات الحديثة، وإكسابهم المهارات الشخصية والتقنية اللازمة للاستخدام الإيجابي للتقنية، لنحافظ على هويتنا وتعزيز موروثنا، وذلك من خلال دعم وإطلاق بعض المبادرات والمشروعات التقنية الواعدة والمسابقات البرمجية المختلفة بما يفتح لهم مجالات واسعة نحو الإبداع، والتفكير لمستقبل باهر -بإذن الله-.
ومما لاشك فيه بأن الثقافة الرقمية قد وسَّعت خبرات المتعلمين وساهمت في إضافة موسوعة من المفاهيم والمعارف إلى عالمهم، فتجاوزوا بذلك الحدود الجغرافية والزمانية نحو ثقافة الشعوب الأخرى، إلا أنها وضعت المعلم أمام تحدٍّ كبير نحو تطوير مهاراته الرقمية والتدريب المستمر عليها، وعلى الأنظمة التقنية المختلفة والبرامج ووسائلها ليصبح عضواً فاعلاً في المنظمة التعليمية.
وأخيراً وليس آخراً لابد أن يملك جميع أفراد المجتمع الوعي الكافي نحو الثقافة الرقمية وكيفية توظيفها في مؤسساتنا التعليمية بما يضمن جودة التعليم والتحسين المستمر في المخرجات.