د. أحمد الفراج
ونحن نشارف على نهاية رحلتنا، التي استعرضت الساسة الذين حكموا أمريكا عبر تاريخها، نتحدث اليوم عن أول رئيس حكم أمريكا على خطى والده. فضيفنا هو الرئيس جون كوينسي آدمز، ابن الرئيس جون آدمز، أحد الآباء المؤسسين لأمريكا. وجدير بالذكر أن ضيفنا انتُخب للرئاسة في عام 1824، ثم انتظرت أمريكا 176 سنة لتنتخب جورج بوش الابن رئيسًا على خطى والده أيضًا. وكان المعلقون - ولا يزال بعضهم - يأملون بفوز جيب بوش بالرئاسة؛ ليصنع التاريخ بفوز اثنين من أبناء رئيس سابق بالرئاسة. وبما أن ضيفنا سليل أسرة سياسية عريقة فلا غرو أنه أمضى كل حياته في مواقع مهمة، بدأها سفيرًا في هولندا في عهدَي جورج واشنطن والده، ثم سفيرًا في روسيا في عهدَي توماس جيفرسون ووالده أيضًا، ثم سفيرًا لدى روسيا والمملكة المتحدة في عهد الرئيس جيمس ماديسون، وبعدها أصبح وزيرًا للخارجية في عهد الرئيس جيمز مونرو.
وعلاوة على كل ذلك، فقد انتُخب لمجلس الشيوخ، ولمجلس النواب. ومن المفارقات أن انتخابه لمجلس النواب جاء بعد خروجه من الرئاسة، وهزيمته المرة من الرئيس أندرو جاكسون، المثل الأعلى للرئيس ترامب. ولعله أراد أن يكون صوتًا معارضًا لسياسات جاكسون من خلال الكونجرس. ولا شك أنه كانت له إنجازات لا يُستهان بها، وخصوصًا أنه أصبح رئيسًا مع بداية تأسيس الجمهورية الوليدة. ومما يحسب له أنه وقف معارضًا للرق منذ ذلك الزمن المبكر، كما أنه عارض الحرب الأمريكية - المكسيكية، وضم ولاية تكساس للاتحاد الجديد؛ لأن ذلك - من وجهة نظره - كان سيعزز تجارة الرقيق. ويتفق المؤرخون على أنه كان دبلوماسيًّا من طراز رفيع، كما يتفقون على أنه من أفضل من تسنم منصب وزير الخارجية عبر التاريخ الأمريكي.
هذا، ولكنهم لا يصنفونه التصنيف الرفيع ذاته رئيسًا؛ إذ كان - من وجهة نظرهم - ضمن رؤساء أعلى الوسط؛ إذ لم يكن سيئًا، لكنه حتمًا لم يستحق أن يكون ضمن أفضل الرؤساء العشرة، وهو التصنيف، الذي يطمح له كل رئيس أمريكي!