فهد بن جليد
ما يميز الأجانب عدم توقفهم عن تحصيل الألقاب العلمية والدراسية مهما تقدم بهم العمر، بعكس نَفَس بعض شبابنا القصير ممَّن لا يُفكرون بإكمال دراستهم بحجة أن (القطار فات)، وبرأيي هذا نوع من الانهزامية وضعف الأمل الذي يجب إلا يتصف به المسلم والعربي الشهم، وأذكر أنَّني كتبتُ قبل 7 سنوات مقالاً يشخص حال اليوم بالعبرة التي يقدمها لنا بعض الإخوة المساجين، فعندما يجاهد سجناء محكوم عليهم (بالقصاص) من أجل الحصول على الشهادة الجامعية، رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها، والمستقبل الغامض الذي ينتظرهم، فإن هذا يبعث الأمل لكثير من الطِلقاء المتحججين بعدم جدوى الحصول على (مؤهل دراسي) مع كثرة العاطلين من الحاصلين على شهادات عليا أو تقادم السنين.
الحصول على (شهادة علمية) يجب ألا يتوقف عند سن مُحدَّدة، لأنَّ الإنسان من المفترض أنه يتخذ العلم للرفع من قيمته الفكرية والذهنية ومكانته الثقافية لتتوسع مداركه فضلاً عن (مكاسبه الوظيفية)، الشهادة الجامعية فيما مضى كانت (حلمًا) لمعظم الشباب للفوز بفرصة وظيفية، كما أن للشهادة في ذلك الوقت قيمة مُضافة تعبر عن مدى ثقافة الشخص ومكانته العلمية وقدرته على قراءة الواقع والمستقبل بطريقة مختلفة عن الآخرين، بعكس ما يحدث لشباب اليوم الذي بدأ التهرب من إكمال (مشواره العلمي) بحجة تضاؤل مقاعد دراسية مناسبة في التخصصات التي يرجوها، ومع انخفاض قيمة الشهادة كمؤهل للحصول على وظيفة مناسبة، لعل عزيمة هؤلاء الذين ينتظرون تنفيذ (حكم القصاص) في أي وقت وإصرارهم على الحصول على الشهادة الجامعية، وقصصهم لو تم إبرازها أكثر تقدم لنا درسًا لكيفية التفاؤل الحقيقي في هذا الجانب.
نحن أمام (صورتين مختلفتين) يجب قراءتهما بشكل صحيح لمعرفة أهمية (الشهادة العلمية): الأولى لبعض الحاصلين على (ألقاب علمية) بشهادات مزورة ومُزاحمتهم للحصول على مكاسب اجتماعية، والثانية لمن تتناقص أيامهم في السجون ويجتهدون للحصول على (شهادات علمية) حقيقة، ما بين المشهدين أمل أن تتشكل صورة جديدة في ذهن شبابنا في الداخل والخارج حول أهمية الحصول على الشهادة العلمية، والهدف منها في الأصل.
وعلى دروب الخير نلتقي.