«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
سيقولون يا أعرابي: إن ضعف عجلة الإعلام الصومالي أحد الأسباب التي أدت إلى تأخر وصولنا إليهم, و ما حيرتكم عند مطالعتكم ومشاهدتكم لمبتسر يسير مما تيسر نشره من لمَمٍ تقارير متفرقة وتحقيقات ضئيلة وأخبار شحيحة تنشر هناك أوهناك سوى مؤشر لجانب من موجات التقصير التي تزداد تردداتها, زد عليها:
تجاهل القنوات الإعلامية من أقصى الخليج العربي إلى أقصى المغرب العربي, وبذلك تعاضدت ترددات ومواعيد للبث دون بثنا, حتى تشكلت فوق سماء هذا البلد غيمة لا تمطر , فهل كنا يا أعرابي وحدنا الملومين؟!
إن أبناء وبنات الصومال ورثوا ثقافاتهم الأصيلة وتقاليدهم العريقة عن الأسلاف. وكأننا نخال بعد نشرك لهذا الجزء تحديدًا بعد أن أنجزت المهمة وعبرت فجاجًا ضيقة في سهوب الفلاة الصومالية , سنرقب حيرة تطوش جراء ما ارتسفت صحافك منه, وسنرقب عجائب ما حوّشتهُ من قصص وحكايا وأراء يتردد صداها بعد أن رمت المكان لتنقل لأبناء هذا الجيل من إخوتنا العرب «قراء الصحيفة», أن أبناء شعبنا الصومالي, المثخن بالملمات من كل وجع عميق جراء: الاستعمار الأوربي, وجراء مرحلة الاستقلال والحكم المدني, ومرحلة الدولة العسكرية, ومرحلة انهيار الدولة الصومالية والحكومات الانتقالية, حتى وصنا إلى مرحلة الحكم المدني الجديد. وما شهدته تلك المراحل من انعكاسات متباينة في المشهد الإبداعي, فليس على عاتق إعلامنا الصومالي وقد لواه ما لواه من البين, وبرا حاله من الفقر المدقع ما براه, وشدته المطامع وشذبته لصالح خدمة كل شيء, إلا لخدمة ثقافتنا وهويتنا العربية.
فقل لهم يا أعرابي: ما نحن وحدنا بمسؤولين عن تأخرنا في الوصول إليكم, وقد آطّمتم أبواب دوائركم الإعلامية العربية, وما نحن بمسؤولين عن حالة التخلف في اللحاق بركائب حراككم الأدبي بحرفكم الأدبي وقد وضع (الحرف اللاتيني) بصمته على ساحتنا, على حساب إقصاء الحرف العربي عن الساحة, ورغم كل الجراحات والصراعات والنزاعات, إلا أننا رغم كل شيء, وببقايا رجاءات عزائمنا الصومالية, شمخنا بمواردنا العربية الضئيلة, حاولنا بما تسنى لنا من روافد شحيحة أن نبل فمنا بعذوبة حروفكم العربية وهذا كل ما حدث فخذه عنا. أما وأنك عقدت العزم يا أعرابي على موادعتنا, ميممًا على ظهر ناقتك أقصى الشمال الغربي من القارة السمراء إذ سيكون موعدك العدد القادم مع الموريتانيين, ودررهم المكنوزة, فأبلغهم منا تصبح عنا السلام, وعسى أن نجد من حال لغتهم العربية التي وصلوا بها نسائم شواطئهم المطلة على المحيط الأطلسي, ما يضمد أوجاع لسان صومالنا.
روافد ضئيلة قابلها صمود ومحاولات
سلطنا الضوء في العدد السابق على عدد من الجوانب والسمات التي كان لها دور فاعل في صناعة الأدب الصومالي وأسهمت في محاولات خلق روافد من بين حالات التنوع لتصب روافدها الضئيلة لصالح المحتوى الثقافي العربي الضئيل في الجملة، وسلطنا الضوء على ما كان أسباب تعثرها وتأخر لحاقها بالركب الإبداعي العربي في مراحل سابقة شهدت فيها الصومال عدد من حقب سالفة الذكر فتحدث مدير مركز «هرجيسا» الأستاذ «محمود محمد حسن» عن التفصيلات التي قسّمت المجتمع الصومالي بين النمط الحياتي البدوي وما يترافق معه من ترحال، والنمط الحضري الذي يضم شرائح متخصصة في الزراعة والحرف كالصناعات المعدنية والصيد البحري.
كما يحدث دائمًا، وعبر الإخضاع والتهميش في حالات أخرى. وتطرق لدور المرأة وحقوقها كإنسان مستقل لها كامل الأهلية المحفوظة بصورة تفوق عمومًا نظيراتها في المحيط الإفريقي والعربي، وتناول الباحث والكاتب «عبدالرزاق أحمد واييل»، ما يسمى (الفنون السّاكنة الصومالية العمارة، التّصوير، فنّ النّحت)، مبينًا أن الصوماليين القدامى برعوا في هذا النوع من الفنّ وبلغوا منها مبلغًا عظيمًا، وعرّفنا على رقصة الطَّانتو ورقصة الزَّيْلِعي والوِلِسِقو وأبرز الرقصات والفنون والقضايا التي شجت بها الأغنية الصومالية على المستوى المحلي والعربي والإفريقي والعالمي.
وفي هذا الجزء يواصل الكاتب والإعلامي «عبدالرحمن سهل يوسف» الحديث عن «الحركة الإعلامية» بعد أن بين أن الصوماليين استخدموا في العصور القديمة وسائل تقليدية شأنهم في ذلك شأن الصينيين، والفراعنة، والإغريقيين، والفارسيين، والهنود، والبابليين، وغيرهم مما وثقته كتب التاريخ والدراسات المعنية برصد وتوثيق الجوانب الحضارية للأمم السالفة. مشيرين لطرق استخدام الطبول، والنار المُشعلة في رأس الجبل، والحمام الزاجل، والأشخاص المستخدمين لنقل الرسائل، إضافة للشعر الذي يعد أهم وسيلة حفظت التراث والتاريخ الصومالي القديم والحديث.
الحرف في الصومال يُحرك ويُطيح بالثقافة
وكشف الكاتب والإعلامي «عبدالرحمن سهل يوسف» أن لكتابة اللغة الصومالية بالحرف اللاتيني أثرًا كبيرًا في تحريك الحركة الثقافية الصومالية، غير أنه مقابل ذلك تم الإطاحة بالثقافة العربية من الساحة، كما اختفت الصحافة المستقلة عن المشهد، مع توقف تطور الصحافة المستقلة، وغياب المنافسة المهنية علمًا بأن وسائل الاتصال كانت تلك الفترة مملوكة للدولة فقط، مستدركًا: لكن كان للحركة الإعلامية في عهد الحكم العسكري جوانب مشرقة ومنها: توجيه الإعلام الصومالي نحو القضايا الوطنية وتجاوز حالة التشرذم والاحتراب الإعلامي، وإيقاف الفوضى الإعلامية.
أما الحركة الإعلامية إثر انهيار الدولة الصومالية 1991م - 2006م فقد تراجعت إذ انهارت كغيرها من المؤسسات الحكومية، وقد صدر في فترة الحرب الأهلية الممتدة من 1991م - 2005م ما يقارب 73 صحيفة، غير أن السمات البارزة فيها هي عدم وضوح الرؤية، والانتصار للقبيلة، وتحقيق مصالح مالية، وتأجيج النزاعات والصراعات العشائرية. بعد ذلك شهدت الحركة الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية، تطورًا ملحوظًا إلى حد كبير خلال الحكومات الانتقالية الصومالية الممتدة من الفترة من 2006م إلى 2012م.
وشهد القطاع الإعلامي الخاص ازدهارًا كبيرًا، إضافة لاستعادة الوسائل الإعلامية الرسمية لمكانتها على المستوى الفيدرالي والولائي.
وزاد: كما نجد اليوم استخدامًا متزايدًا على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يشهد بدوره رواجًا منقطع النظير في الحركة الإعلامية الحديثة في الصومال نتيجة لوجود شركات الاتصالات التي توفر خدمات الإنترنت، متيحة بدورها الفرصة أن ينشط الصوماليون بقوة في فضاء الإعلام الجديد. ما يؤكد أن الحركة الإعلامية في الصومال في الفترة ما بين 2012 - 2018م بلغت ثورتها خاصة في الإعلام المرئي، ما يعني أن الصومال يواكب ثورة الاتصالات والإعلام التي تجتاح العالم آخرها الإعلام الجديد ما أنعش حركة الكتابة الصومالية.
الحب والفراق أكبر قضايا المسرح
وفي الجانب المسرحي وقضاياه في الصومال، كشف الباحث والكاتب «عبدالرزاق أحمد واييل: إن المسرحية أو «التمثيليّة» بزغ نجمها في ستينيات القرن الماضي، وأسهم ظهورها في رفع مستوى الوعي لدى الأفراد بما تعالجه من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأضاف: بالرغم من أنها عالجت موضوعات وقضايا مختلفة إلا أن حظ القضايا الاجتماعية وخصوصًا الحب والفراق كان لها القدر الأكبر، فألِّفتْ عشرات المسرحيات عن الحب والحرمان والحنين، فطال نفَس الأدباء في هذا الباب وجادت قريحتهم بأحسن العبارات التي خَلدَت في الأذهان قبل الدواوين، وما زال الناس - رغم بعد العهد- يقبلون على مشاهدتها، كأنها أُلِّفتْ الساعة، لا تزال طرية دافئة. وذلك لدفء مشاعر مؤلفيها. إضافة لما وُلِد من بطن هذه المسرحيات من «أغانٍ خالدة» كانت تُغنّى فوق خشية المسرح.
عادات الزواج عند الصوماليين
جميع المجتمعات على اختلاف ثقافاتها وعاداتها ومعتقداتها وأنظمة القرابة فيها فإنها محكومة بتشريع الزواج، وحيث إن الزواج هو شكل من أشكال العقد الاجتماعي الذي يتشارك بتوثيقه أفراد المجتمع المحيط كحضور وشهود على إتمامه، فإن هذا الزواج عادة ما يتم توثيقه بطقس يسمى «الزفاف»، هذا الزفاف هو من يتباين ويختلف ما بين المجتمعات البشرية بشكل عجيب وبديع يجسد الثقافة المحلية، ويعكس تفاصيلها الصغيرة بكل خصوصيتها وإرثها الثقافي، وقد مثلت طقوس واحتفالات الزفاف واحدة من المحاور الرئيسة التي ارتكزت عليها الأبحاث (الأنثروبولوجية) في دراستها للثقافة البشرية المتنوعة. تتمايز شعوب الأرض وقبائلها في عاداتها في الزواج.
أنواع الزواج وفق ثقافات تختلف
ليس الصوماليون ببدع من شعوب الأرض على حد وصف مدير مركز «هرجيسا» للدراسات والبحوث الأستاذ «محمد محمود حسن» في امتلاكهم عادات خاصة بهم في الزواج، تجمع بين تقاليد قديمة وأخرى أضافوها بعد اعتناقهم الإسلام، يلحقها مع الزمن من التغير والتطوّر ما تمليه مستجدات الزمان والمكان. وتفصيلاً من حيث أنواع الزواج في الثقافات الصومالية المتنوعة فيما كان من عادات وتقاليد قديمة وما كان وفق الضوابط والتقليد الإسلامي قال «محمد حسن»: يختلط لدى الصوماليين من حيث ابتدائه ما كانا يتبعونه من تقاليد قديمة وبين التقاليد الإسلامية التي تلت ذلك، إِذ يبرز الاختلاف في أولى مراحل «الخطبة»، إلا أن عقد الزواج وإجراءاته ملتزمة في إتمامها بالشريعة الإسلامية، وسنتحدث أولاً عن أنواع الزواج التقليدي الصومالي: ومنه ما يتم فيه الجلوس تحت الشجرة Geed-fadhiisi وهو زواج تقليدي يقوم على مصاهر عشيرة لعشيرة، أو عائلة لعائلة، وليس بالضرورة أن يكون العروسان أن سبق تعارفهما، إنّما يتمّ نتيجة لرغبة عائلة العريس أو عشيرته في مصاهرة عائلة العروس أو عشيرتها، أو أن هذا الزواج التقليدي يحدث نتيجة لرغبة كبير عائلة العريس في أن يضمن «أخوال» نبلاء أو أقوياء أو فقهاء لأحفاده.
(لا يحق للعشيرة) رد الفتيات «الهيرَن»
وتابع: وهناك الخطبة للذات HEERIN وهذه عادة صومالية قديمة تسبق الإسلام، تعود إلى كراهية الصوماليين للزواج من الأقارب، ما يؤدي في مراحل زمنية معينة إلى تأخر عدد من بنات عشيرة ما عن الزواج، فيغادرن في مجموعة، إلى مضارب عشيرة أخرى، فينزلن ضيوفًا عندها، وبعد انتهاء مدة الضيافة، تدرك كبيرات العشيرة بأن أولئك الفتيات «هيرَن» أي فتيات عذراوات يبحثن عن أزواج، فيكون لزامًا على تلك العشيرة استقبالهن، وعرض رجال العشيرة المؤهلين للزواج على الفتيات، وكان لا يحقّ للعشيرة المضيفة ردّ تلكم الفتيات، باعتبار أن ردّهن إهانة لعشيرتهن، وهو ما كان يوقع على تلك العشيرة المضيفة في حال ردّها للفتيات دفع تعويضات كبيرة جدًا تبلغ 50 ناقة عن إهانة تلك الفتيات اللاتي يردن العفّة.
وتدلّ تلك العادة على أن المرأة الصومالية كان يحق لها السفر من مضارب أهلها إلى غيرها من الأماكن، دونما خوف عليهن من التعرض للخطر، كون العرف الصومالي القديم يعاقب جرائم الاعتداء على المرأة أو الضيف أو الضعيف بأشد العقوبات إلى حدّ الحط من قدر العشيرة التي يقوم أفرادها بذلك ومحاصرتهم ونفيهم أو حتى حرمانهم النهائي من امتلاك مضارب خاصة بهم أحمل السلاح أو امتلاك الخيل والإبل.
زواج الخطيفة
وأضاف: أما ما يسمى بزواج الخطيفة «DHABAR-GARAAC»، فيحدث بعد قيام العريس باختطاف العروس وهي ترعى أغنام أهلها، أو من إحدى الأعراس المقامة في البادية، ويتم اختطاف الفتاة من قبل العريس بمرافقه أربعة من أوثق أصدقائه، ويتم أخذها إلى أقرب بيت من بيوت أخوالها أو عماتها وتبيت ليلتها لدى أقربائها أولئك، في حين يكمل العريس وأصدقاؤه طريقهم لإبلاغ عائلة العريس بالأمر الواقع، فيضطرون إلى النزول قريبًا من منزل والد العروس، وبعد وصول أقرباء الفتاة الذين بقيت لديهم وإبلاغهم بسلامة الفتاة، يعقد مجلس صلح، وتقدّم عشيرة العريس كل ما هو ممكن لإرضاء والد العروس وعشيرته، لرد اعتبارهم، لأن الفتاة أصبحت عرفًا زوجة للعريس رغمًا عن أبيها بمجرّد حدوث عملية الخطف.
وتعود أسباب ممارسة تلك العادة لأمرين رئيسين، الأول هو فقر العريس وتعرّضه للرفض من والد الفتاة له رغم موافقتها عليه، أو تعرّض الفتى للإهانة من قبل الفتاة في حال عرض عليها الزواج بصورة مباشرة.
تراجع الخطيفة وظهور (زواج المسافة) *
وأكَّد الباحث «محمد محمود حسن» تراجع زواج الخطيفة ما بعد الاستقلال، إنّما ظهر زواج قريب من ذلك النوع، برضى العريس والعروس عبر الانتقال خارج النطاق الجغرافي لولاية وليها بحيث ينوب عنه (الحاكم - القاضي) ويتم عقد الزواج بناءً على ذلك، ويسمى بـ«زواج المسافة - Masaaf».
بعد أن حدثنا الكاتب عن الثقافة المنوعة في الزواج التقليدي عند الصوماليين سنخصص ما تبقى من مساحة لنطلع القارئ العربي عمومًا وقارئ (الجزيرة الثقافية) خصوصًا، على المراسم الخاصة التي يصحبها الزواج في تقاليد وثقافات المجتمع الصومالي إذ إن هذا التشكل الثقافي يصحبه وينعكس بدوره على تفاعلات تصب في نسيج المكون الصومالي (انثروبولوجيًا)، ما يلقي بدوره على الحراك فكريًا وأدبيًا وفنًيا، إضافة لما نسله من ظواهر ثقافية وحضارية مصاحبة - وربما نجد بحبوحة يعذرنا فيها القارئ ويشاركنا فيها الدهشة في هذا الجزء- في بلد عربي قد تبدو المعلومة شحيحة عنه أو شبه غائبة. نتيجة للظروف التي ألمت به سابقًا، وبسبب ضعف عجلته الإعلامية. فيما تبقى من مساحة يورد مدير مركز «هرجيسا» للدراسات والبحوث الأستاذ «محمد محمود حسن»: أبرز معالم الثقافة لهذه المراسم في زواجاتهم، بعد أن حدّثنا أولاً عن أنواع الزواج التقليدي الصومالي، فقال: هناك ما يُدعى:
وهي KAALADA -الكالَدا-
عادة معناها المعونة، وهي أموال وهبات وهدايا يتسلمها العريس من أهله أسرته وعمومته وأخواله وأصدقائه، ليعينوه على تأسيس أسرة جديدة تضاف إلى العائلة والعشيرة.
وهي Yarad وهناك ما يطلق عليها (يرض)
هدايا نقدية وعينية يتم تقديمها للمرأة الأكبر سنًا في أسرة العروس، كأمّها أو قريبتها التي ربّتها كخالتها أو عمتها، تقديرًا لتلك السيدة على ما بذلته من جهد في تربية الفتاة التي أصبحت عروسًا ولا يُعاد من تلك الهدية شيء.
Gabaat أما ما يطلق عليه الـ(غباتي)
فتتكوّن الغباتي من قسمين: هدية عينية يتسلمها كبير عائلة العروس الذي يوكله أبوها في النطق باسمه في مجلس عقد القران، ويكون غالبًا الرجل الأسنّ في العائلة أو وجيهها «عاقل - غراد - سلطان»، ويتلقى هو هدية عينية مكوّنة من «عمامة أو شالٍ من الكشمير، وإزار قطني فاخر»، أمّا الجانب النقدي من الـ«غباتي» فيُعاد نصفه لوكيل عائلة العروس، تعبيرًا عن شكرهم على الالتزام بالتقاليد وأنّه من المعيب في التقاليد الصومالية أن يأخذ الرجل كلّ ما يُقدّم له حتى الطعام والشراب، بل عليه أن يبقي شيئًا.
والهدف من تقديم الغباتي توزيع ذلك المال لاحقًا على كل من حضر مجلس عقد القران، وألا يخرج أحد خالي الوفاض، فتقوم العائلتان توزيع ذلك المال بالتساوي على كل من حضر المجلس، كلٌّ حسب من هو محسوب عليها، فعائلة العريس توزع المال على الأقرباء والأصدقاء الحاضرين، وعائلة العروس توزّع المال على من حضر من طرفها، ويقوم بتوزيع تلك الأموال رجلان يعينهما وكيل العريس ووكيل والد العروس.
MEHER وهناك (مهر)
أي المهر الشرعي، ويكون في أغلبية قيمته مؤخرًا «مؤخر صداق»، ويتحدد حسب اتفاق العريس والعروس، أو يلتزم العريس بصيغة «مهر النظير»، وإن زاد عليه فحسب قدرته، وقد يكون نقدًا أو ماشية ويقدّر غالبًا بالذهب.
DIIQQDA (ديقدا)
أما ما يطلق عليه فهو عادة ممارسة في بعض المناطق، وتتمثّل في جهاز البيت للعروس، حيث تتفق العائلتان اللتين ينتمي لها العريس والعروس على موعد لمناسبة الزفاف وانتقال الزوجين إلى بيتهما الأسري، وتقوم أسرة العروس بإعداد ما تساعد به في تجهيز ذلك البيت، كأدوات المطبخ أو غرفة الضيافة أو ما إلى ذلك حسب ما اتفق الطرفان.
MARIIN (المَرين)
بينما تكون مكونة من هدية يجهزها العريس للعروس، وهي أشبه بصندوق العروس الذي يحتوي على ملابس فاخرة ومجوهرات ومصاغ ذهبي وفضي، أو ما تعرفه مجتمعات أخرى بـ«الشبكة».
غلبنتا أروسكا «زفة العرس» *
وتابع «حسن»، بعد تجهيز البيت الأسري الجديد، يتم زف العريس والعروس (غلبنتا أروسكا) كلٌّ من جهته إلى موقع المنزل الجديد، أو أحدهما. بحيث تكون زفة النساء غالبًا خاصة للعروس، يصحبها موكب نسائي «للزغاريد» والأهازيج، وتحمل بيدها «طبل» وهو وعاء يشبه القنينة منحوت من الخشب، يحتوي حليبًا، فيما تصحب «العروس» معها طفلاً باليد الأخرى، كفأل للبركة والنماء إِذ المقصود منها تمنّي الرخاء والذرية. فيما تكون زفة العريس مكونة من موكب كبير يرافق العريس الذي يلبس ثيابًا تقليدية فاخرة، ويحمل رمحًا ودرعًا، وبعد وصوله إلى بيت الزوجية الجديد، يتوزع الحضور حول المكان المخصص للرقص الشعبي، الذي يشمل رقصات رجالية ورقصات نسائية ورقصات مشتركة بين الجنسين.
أما في البادية فغالبًا ما تصل قافلة العروس مع أهلها أولاً، قبيل موعد العرس بأيام، ريثما يتم تجهيز بيت الزوجية الجديد، الذي يتم إنشاؤه بعيدًا بعض الشيء عن منزل عائلة العريس.
HEESAHA ARSKA
في هذه الأثناء تبدأ (أغاني الأعراس)
فتتم الزفات غالبًا بأهزوجة أو أهزوجتين تقليديتين تتضمنان التمنيات والدعاء للأسرة الجديدة بحياة رغيدة. Duc كما تعد أكلات خاصة تعد للعرس، وتقام بهذه المناسبة الولائم، يصحبها الدعاء وتقام ولائم نهارية في هذا العرس، بذبح عدد كبير من الإبل أو الأغنام لإكرام الحضور، حسب حجم الحضور وقدرة عائلة العريس لا تقل - غالبًا- عن عشرة خرفان في البادية نظرًا لكثرة الضيوف، أمّا في المدن فقد لا تزيد عدد الخرفان عن رأسين من الخراف، أو يتم حجز قاعة أو مطعم لاستقبال ضيوف الوليمة.
أما في حال إقامة الوليمة في منزل العريس أو عائلته، فإن إعداد تلك الوجبة يعد مناسبة مهمة بالنسبة لنساء عائلة العريس، إذ يجتمعن للتعاون في إعداد تلك الوجبة الكبيرة، باستخدام قدور ضخمة، وتشرف على العمل أكثرهن مهارة في الطبخ، وتراقبهن جدات العريس لتقديم طعام يليق بكرم الأسرة وتقديرها للحضور، وكسب رضى المدعوين ودعواتهم الصادقة لهذا الزواج بالنجاح والتوفيق.
أما الوجبات الخاصة (Xeedh) (حيطو)، فتقوم أسرة العروس بإعداد وجبة تقليدية غاف، (gaaf) وختامًا يقام حفل، إذ يعد حفل «غاف» حفلاً للضيوف من الفئات العمرية الشابة من الجنسين، فإنه يتم في منزل الزوجية الجديد، يكون الهدف منه توفير فرصة عائلية لتعارف المقبلين على الزواج من أبناء الأسر القريبة من أصحاب المناسبة، ويشتمل هذا الحفل على عدد من المسابقات والمقالب، تقوم بإدارتها الفتيات كما يلعبن فيها دور الحكم على الشباب الحضور، وتكون عقوبات وأحكام الفشل في حل الألغاز أو الأحجيات عقوبات مضحكة، كأن يفرض على الشباب القيام بالغناء أو أداء رقصة أو تناول ملعقة من الملح، أو القيام بحركات مضحكة كأن يمد «الشاب المُعاقب» يدًا ويضع أخرى على أنفه ويرفع رجلاً ويقف على الأخرى بطريقة معقدة بعض الشيء غالبًا ما تنتهي بفقدانه التوازن، والهدف عمل جو مازح ولطيف تسمح بكسر الشعور بالتحرج بين الحضور من أبناء وبنات الأسر ذات العلاقة العائلية بالعروسين، في جو اجتماعي جماعي وبريء.