إلى روح أبي الطّيبِ المتنبي حيث يقول:
فافترقنا حولاً فلمَّا التقينا
كان تسليمُهُ عَليَّ وداعاً
هِيَ أنثى كما تَشاءُ القَريحَه
و هوَ مَن أثَّثَ السَّحابُ ضَريحَه
يَتَوَخَّى مَوائدَ الموتِ حَتّى
تَتَوخَّاهُ بالحُتوفِ الفَصيحَه
هِيَ حَوَّاءُ دَعوةً و احتِداماً
وهوَ شَوقٌ مُكَبَّلٌ بالنَّصيحَه
أمَلٌ يَفتِلُ الخَيَالَ و عِشقٌ
يَخدِشُ الرِّيحَ كي تَسيلَ فَضيحَه
روحُهُ الآنَ قَطرَةٌ تَتَمَطَّى
تحتَ غُصنِ الظُّنونِ كُلَّ صَبيحَه
والرَّدَى ثَغرُهُ وعيدٌ و وعدٌ
وحداءٌ لم يَفهَما تلميحَه
و الحَياةُ التي أحَبَّ نَواصٍ
مُشِّطَتْ دونها اللّيوثُ الذَّبيحَه
أيُّها الشَّاعرُ الأبِيُّ سَلاماً
إنَّ هذا المَدَى قَوافٍ طَريحَه
انتَبِه للإناثِ يَغزِلنَ جرحاً
إنَّ أدهى الكُروبِ أنثى جَريحَه
أيُّها الشَّاعرُ الكبيرُ أجِبْهَا
إنَّما الشَّوقُ للذَّواتِ الشَّحيحَه
حَيثُ كانَ اللِّقاءُ كالحُلْمِ قَالتْ
إنَّها وَمضَةُ الذُّنوبِ الصَّريحَه
واسْتَزادَتْ مِنْ كأسِها ثُمَّ قَالت
أنت! ما أنتَ في رِحابِ القَريحَه؟!
ثَمِلَتْ ملء عُمرِها و أضافت
أنتَ إثمٌ على رِداءِ مَليحَه
أنتَ شِعرٌ مُلَوَّثٌ و نِقاطٌ
مُقعَداتٌ تحتَ الحروفِ الكسيحَه
أنتَ زيغٌ في ذِمَّةِ اللَّحنِ باءت
دونه الرُّوحُ بالوجوهِ المُشيحَه
أنتَ لا شيءَ حينَ يَركضُ جرحي
صارخاً ملء عُرْيِهِ (يا قَبيحَه)!
هكذا يُبهَتُ الرِّجالُ ويُنفَى
سادِنُ الشِّعرِ للغُيوبِ الفَسيحَه
إنَّهُ الشَّاعرُ الذي قال كلاَّ
للرُّؤى حينَ أوشَكَتْ أن تُريحَه
وتحَدَّى حُوريَّةً مِنْ نُعَاسٍ
تَعتري طارفَ الهَوى لتُزيحَه
فأطالت أشواطَهُ ذاتَ إثمٍ
رغمَ قَيدِ الزَّمانِ حَتّى تُبيحَه
كانت المرأةَ اللَّعوبَ و كانت
جَلوَةُ الرَّاهِبِ الأثيمِ صَحيحَه
إنَّهُ الشَّاعرُ السَّحَابُ و كانت
تتَمنَّى على المدى أن يُتيحَه
تتَمنَّى كؤوسَهُ مُترَعَاتٍ
وتُغَنِّي أشجَانَهُ و مَديحَه
صادَفَتْهُ في مَوئِلِ الوَجدِ لكنْ
لم تُلاحِظْ مِنْ طَيشِهَا تَبريحَه
لَقِيَتْ وَجهَهُ وكانَ وداعاً
كسَرابٍ لم يَفقَهَا تَسبيحَه
** **
- شعر/ فهد أبو حميد