سلمان بن محمد العُمري
حسن الخلق من كمال الإيمان، وسوء الخلق من سمات ضعفه لدى الإنسان، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن خير الناس وأفضلهم أحسنهم أخلاقاً، وأن حسن الخلق من موجبات محبته صلى الله عليه وسلم، وهم الأقرب منه مجلساً كما في الحديث المروي عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً» رواه الترمذي.
ومن مكارم الأخلاق إظهار المشاعر الحسنة مع الناس كالشكر والتقدير والثناء لمن أحسن إلينا صنعاً، ومواساة المكلوم قولاً وعملاً، وتهنئة كل من نال خيراً والدعاء له بالبركة من رزق ومال وولد أو سائر الأمور الأخرى، ونصرة الضعيف وعيادة المريض أو الاتصال به. وهذه الأعمال والأقوال الحسنة والجميلة من علامات قوة الإيمان، ولا يجتمع مع الإيمان شح ولا حسد، وفقراء الأخلاق وبخلاؤها هم ممن لديهم الشح أو الحسد فحرموا الخير الكثير وحبسهم شجعه، وحسدهم عن إظهار المشاعر الطيبة والأخلاق الحميدة مع الآخرين. ومن حبس المشاعر الطيبة فهو من المحرومين فلا تهمه حال من حوله ولا يتألم لألم الآخرين.
إن ممن يملكون الأخلاق الفاضلة الحميدة والمشاعر الحسنة الجميلة مع الآخرين هم من النفوس السوية الكريمة التي يتمتع صاحبها بنقاء القلب وسلامة الصدر وقوة الإيمان، فينعكس ذلك على جوارحه جميعاً فتجده مبتسماً لا مكشراً ولا مقطباً، وتجده سخياً بلسانه وبنانه وليس شحيحاً في قوله عمله، وأما فقير الأخلاق وبخيل المشاعر فإن الكلمة الطيبة ثقيلة عليه جداً لا يشكر معروفاً، ولا يرد جميلاً بل وربما كان في السيئة سباقاً وأن كانت ثمة أخلاق متبقية لديه فهي آنية ووقتية يقدمها عند الحاجة فيتخلق بالخلق الحسن والكلام الفاضل بل ويراعي ويتصنع إذا كان له حاجة وربما تظاهر بالإحسان القولي والعملي حتى تتحقق مصالحه.
إن الأخلاق من الدين والمسلم يتقرب إلى الله عز وجل بالخلق الفاضل الحسن ولا يجعل أخلاقه مكافأة ويحسن لمن أحسن إليه، ويصل من وصله ويقطع من قطعه، بل هو خلق يرجو به ثواب الله لا مكافأة الناس كما جاء في الأثر «أرج الله في الناس ولا ترج الناس في الله وخف الله في الناس ولا تخف الناس في الله».
فالإخلاص أولاً وأخيراً لله عز وجل في هذا الخلق الفاضل لا مكافأة ولا تزلفاً ولا رجاء نوال أو مكافأة أو ثناء أو تحقيق مصالح شخصية.
إن من الناس من حرم الأخلاق بالكلية فلا مشاعر ولا أحاسيس له لا مع قريب ولا من بعيد، لا يحمد ولا يشكر ولا يواسي، قلبه أقسى من الحجر، وهناك من الناس من تجده فقيرًا في الأخلاق والمشاعر وبخيلاً بهما مع أقرب الناس إليه، ولكنه الهمام الشجاع المبادر ذو اللسان الذي يقطر شهداً مع أصحاب المصالح والحاجات ومن يرجو منهم شيئاً، وإذا انقضت حاجته عاد لطبعه اللئيم ونفسه الشحيحة.
وهنيئاً لمن كمل إيمانه وإحسانه مع الآخرين وتخلق بالأخلاق السامية الطيبة ولم يكن في أي أمر بارد الإحساس والمشاعر، تجده مهتماً بأحوال الناس يفرح لفرحهم ويتألم لألمهم ويسعى لقضاء حوائجهم ولسانه يلهج بالدعاء للجميع.
اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عني سيئها لا يصرف عنها إلا أنت.