يعد مسجد السريحة في الدرعية التاريخية من أقدم مساجد الدرعية حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 300 عام، إذ يرجح أن يعود تاريخ المسجد مع تاريخ نشوء حي السريحة بالدرعية في عام 1122هـ.
وقد ألف المؤرخ راشد بن محمد بن عساكر كتيبا عن المساجد والأوقاف القديمة في الدرعية تحدث فيه عن المسجد.
وقال بأنه على الضفة الشرقية لوادي حنيفة مقابلاً لحي الطريف من الجهة الشرقية الشمالية. ويقع غرب الميدان الأوسط حالياً يفصل بينه وبين الإطلالة على الوادي إحدى المزارع الصغيرة. يعرف هذا المسجد منذ القدم بهذا الاسم.
وأشار إلى أنه يقع في الجهة الشرقية من المسجد خلوة أرضية دُفنت منذ عام 1410هـ وكان مصباحين فاصلين بين مقدمة المسجد. والمسجد قديماً كان مفتوحاً على ثلاثة مصابيح لكن بعد سقوط الخلوة اقتصر على مصباحين داخل المسجد.
واختص الثالث في سرحته الشرقية الخارجة من الخلوة، والتي هي مفروشة بالحصباء وبعد زمن قام المشرف على المسجد والناظر عليه عبدالله بن عبيد باستقطاع هذه الجهة لتكون الخلوة مهيأة للصلاة في وقت الشتاء. وأما سطح المسجد فهو مطموم بالخشب مع مده بفروش من الحجر. ويحمل كل مصباح سبعة أعمدة وهي ثلاثة مصابيح، فيكون مجموع الأعمدة واحد وعشرون عموداً، وارتفاع المسجد ثمانية أمتار تقريباً.
وقد جُدد هذا المسجد ورُمم قبل أكثر من نصف قرن. وتم الانتهاء منه في 16 صفر 1375هـ، بحيث أُزيل الحصى والخشب الخاص بهذا المسجد ووُضع بدلاً منه خشب جديد، وكان للمسجد أربع نوافذ مقسمة على اثنتين شمالاً جنوباً في مقدمة المسجد.
وتقوم أساسات المسجد على أعمدة قوية تُسمى الخرز وهي من الحجر المتين والمصمم لعمال البناء في المنطقة.
وأضاف العساكر في كتابه: «بعد الانتهاء من عملية البناء والتجديد دوّن نقش في داخل المسجد لايزال مكتوباً على يمين ويسار المحراب جاء فيه:
«لا إله إلا الله محمد رسول الله انتهى العمل في 16 صفر 1375هـ. ثم يسار المحراب كتابة فوق بعضها الأول السنة: 1375هـ، ثم وسطها الشهر الثاني، ثم اليوم، وجاء بعد ذلك: (أمر بعمارته فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم جزاه الله خيراً). وقد أشرف على هذا البناء الثاني عبدالرحمن بن إبراهيم بن رواف (ت 1430هـ)، وأخيه سعد. أما حسابها المالي فهي من قبل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى ت 1389هـ». وتناول العساكر عدد ممن كان يدرس في المسجد وأئمته، وقال: «ممن كان يقيم حلقات التدريس فيه منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز بن إبراهيم بن عبدالله الطويل، حيث كان يقوم بتعليم الأهالي قراءة القرآن الكريم وبعد وفاته عام 1366هـ تقريباً، ثم تولى عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز العواد (أبو نجم)، التدريس بقرب هذا المسجد، ومن أئمته الشيخ عبدالله بن علي بن مقحم المتوفى عام 1339هـ وكان كاتباً للوثائق في الدرعية موثوقاً بخطه وعُرف عنه الأمانة والصدق رحمه الله. ثم تولى الإمامه بعده ابنه علي بن عبدالله بن مقحم ثم إبراهيم بن عبدالله بن مقحم، وأما المؤذنون به في مطلع القرن الرابع عشر الهجري: فهم إبراهيم بن عبدالله بن مقحم، ثم محمد بن سالم، ثم سليمان بن محمد بن عبيد، ثم سعد بن عبدالرحمن بن سليمان بن عبيد، ثم منصور بن فهد بن عبيد، ثم منصور بن عبدالله بن عبيد وهو إمامه ومؤذنه في الوقت الحالي. والمؤذن اليوم عبدالمجيد بن فهد بن عبيد.
وللمسجد بيت خاصٌّ موقوف عليه ويقع عن المسجد في الجهة الشرقية منه. أما مسقاة المسجد القديمة فتقع في الجهة الشرقية منه، حيث دخلت في مغاسل المسجد وبقربها الحويط الخاص الذي يوجد به ثلاث نخلات حتى اليوم كما أشرنا سابقاً.
وقد تم ترميم مسجد السريحة على نفقة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في إطار برنامج العناية بالمساجد التاريخية الذي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشئون الإسلامية ومؤسسة التراث الخيرية.