فهد بن جليد
نعيش اليوم منافسة كبيرة بين السعودي وغير السعودي في وظائف القطاع الخاص، ورغم أنَّه يُفترض بأنَّ الكفَّة تُرجِّح الشاب السعودي على غيره، إلاَّ أنَّ المشَاهد أنَّ الإخوة غير السعوديين يملكون قدرة وحظاً أوفر من الشباب السعودي الذي يُغفل أكثرهم التسويق لأنفسهم بشكل صحيح، قبل 5 سنوات كتبتُ عن مدى قدرة السعودي على التسويق لنفسه في القطاع الخاص، فهل تغيَّر المشهد مع تعدد فرص العمل؟ الحقيقة مؤلمة فالفرق واضح بين (الشاب السعودي) وغيره، كونه لا يهتم بفن تسويق الذات ومهاراته، خصوصاً في قطاع الأعمال.
ولعل هذا سر تفوق بعض الجنسيات العربية في القطاع الخاص لدينا، وبقاء السعودي يراوح مكانه دون مزيد من الميزات، بينما تعتلي بعض الجنسيات مناصب أعلى وتصبح هي من يدير السعودي في نهاية المطاف، حتى لو كان هذا المواطن الموظف يمتلك من مهارات أكثر من الأجنبي، ولكنَّ الأخير نجح في تقديم نفسه وتسويقها بالشكل الصحيح.
إذاً ما هو السر خلف غياب فن (تسويق الذات) لدى الشاب السعودي؟
أعتقد أنَّ ثقافتنا وتربيتنا هي المتهم الأول في غياب هذه (المهارة والميزة) عن سلوك شبابنا، لأننا أظهرنا (المعنى السلبي) لها، وربطناه بالكذب والتزييف والاستجداء والاستخفاف، وطالبنا شبابنا بالثقل في غير محلّه، والصمت في مواضع الحديث وعرض المهارات، والإحجام عن التعرّف على الآخرين وتوسيع دائرة المعارف بحجة أن الناس ما منهم إلا المشاكل والصداع، السعودي ينجز بصمت حتى لو تجاوز العقبات، فهو في الغالب لا يستعرض مهاراته أمام مديره أو الآخرين أو يبيّن كيف تجاوزها، بينما الآخر يُسوِّق لنفسه بذكاء عبر اختيار الوقت المناسب، والمبادرة بشرح كل صغيرة وكبيرة، وكيف نجح؟!
السعودي يقدّم كل شيء في يده مجاناً، وقد يتنازل عنه بسهولة، أمَّا الآخر فهو يبيّن أهمية ما يملك، وكيف أنَّ ثمنه باهظ ويستحق عليه الشكر حتى لو قدَّمه مجاناً كما فعل (السعودي).
الآخر ينجح ويكبر وشبابنا كما هو، باختصار أقول لكل شاب سعودي باللهجة التي يحبها أرباب الأعمال عادة: (خيي ما بيمشي الحال هيك، إذا ما بتثق بحالك، وتقدّم نفسك ومهاراتك للآخرين.. ما حدا بيعتل همك، خليك ذكي.. واثق من حالك.. وطلع لبكره بتنجح).
ليس عيباً أن تبرز ما تملك من قدرات في مجال عملك، وليس نفاقاً أن تبيّن لمديرك ماذا أنجزت، الخطأ أن تبقى صامتاً وأنت تعمل، حينها حتماً سيبقى الآخرون صامتين أمامك، بينما هناك من يكبر ويتطور (لأنه تحدث عن نفسه)، أهمس في أذن كل شاب: لا مانع فالمنافسة والتسويق تتطلبان أن (تتحدث عن نفسك قليلاً)
وعلى دروب الخير نلتقي.