د. إبراهيم بن عبدالله المطرف
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة في 21 يوليو 1990، حققت علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين نموًا شاملاً وسريعًا. وقد مثلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للصين خطوة إيجابية في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين وامتدادًا للزيارات المتبادلة بين قيادات الدولتين، وتأكيدًا لحقيقة أن علاقات الصداقة بين الصين والسعودية قد شهدت نموًا مضطربًا على مدى خمسة وعشرين عامًا. وخلال الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، تم التوقيع على اتفاقيات تعزز التعاون في مختلف المجالات، حققت نتائج مثمرة ومستمرة.
وقد شهد التعاون الاقتصادي والتجاري نموًا سريعًا أدى إلى ارتفاع حجم التجارة البينية إلى 42.2 مليار دولار عام 2016، جعلت من المملكة والصين أكبر شريكين تجاريين في منطقة غرب آسيا وإفريقيا. إضافة لذلك فقد بلغت قيمة المشروعات الصينية في المملكة حوالي 5.3 مليار دولار. ويأتي على رأس هذه المشروعات المنفذة في المملكة عبر الاستثمار المشترك بين القطاع الخاص في البلدين، مشروعات في مجالات التكرير وخدمات حقول النفط والبنية التحتية للسكك الحديدية ومحطات الكهرباء والاتصالات ومصانع الأسمنت وغيرها.
ونجده من اللازم الإشادة بالمواقف السياسية إيجابية جدًا للصين، التي تحرص على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وترى أنه من الأهمية بمكان تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط، وفقًا لمبادرة السلام العربية، وقواعد القانون الدولي، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وإلى ذلك، فإن الصين تؤكد الصين دائمًا حرصها على تعزيز الاتصال والتنسيق حول الأوضاع الإقليمية، ومواصلة الدفع بحل قضايا الإقليم الساخنة بالطرق السياسية والتفاوضية.
ومن جهة أخرى، تحرص الصين على تنفيذ مبادرة الحزام والطريق، بينما تتطلع المملكة لمستقبل مشرق مع رؤية 2030، ومن هذا المنطلق، يعمل الجانبان على التقاء لهاتين المبادرتين التنمويتين، من خلال زيادة أوجه التعاون للإفادة من الموقع الإستراتيجي للمملكة عند التقاء القارات الثلاث، ما يؤكد التكامل بين مبادرتي الحزام والطريق، ورؤية 2030.
هذا وتمتد جسور الثقافة بين الصين والسعودية، فقد قفز البلدان قفزة كبيرة في تبادلهما الثقافي، وذلك من خلال توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون، في مجالات ثقافية مختلفة.
ويسير العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين بوتيرة متزايدة، ووفق إستراتيجية ثابتة بهدف تعزيز التعاون على الأبعاد الثلاثة المهمة، السياسية والاقتصادية والثقافية، في آن واحد، من خلال العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص في البلدين.
ونجد أنه من الإنصاف القول، بأن صداقة وعلاقة المملكة مع الصين أصبحت أكثر قوة ونضجًا في السنوات الأخيرة، وأن هناك إرادة إيجابية لتطوير العلاقات على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في المجالات المختلفة والمتعددة، مثل الإستراتيجية الدولية للطاقة، ومكافحة وتمويل الإرهاب، والتعاون العسكري التسليح والتدريبي، والتعاون فيما يخص أمن المنطقة الخليجية.
ونختم بالقول إن الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية السعودية، تدعم وبقوة، كل ما يعزز إقامة علاقات دولية متنوعة ومتوازنة، وذلك في ضوء توجه إيجابي، يتطلع الوطن من خلاله إلى عهد جديد من الشراكات الإستراتيجية، مع دول وشعوب ومنظمات المجتمع الدولي المعاصر.