د. أحمد الفراج
نواصل الرحلة مع رؤساء أمريكا، الذين حكموا هذه الإمبراطورية، منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني، وانتخاب جورج واشنطن كأول رئيس، مروراً بانقلابها على الرق، على يد الرئيس ابراهام لينكولن، ثم انتخاب شعبها لأول رئيس أسود، بعد أن كان السود يعاملون كمواطنين غير متساوين مع البيض، وحديثنا اليوم عن رئيس له أولويات تستحق الذكر، فالرئيس، مارتن فان بورين، هو أول رئيس يولد بعد استقلال الجمهورية، كما أنه أحد أهم مؤسسي الحزب الديمقراطي، وأيضاً هو الرئيس الوحيد، الذي يتحدث اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، اذ إن لغته الأولى هي الهولندية، بحكم أنه ابن لعائلة هولندية مهاجرة، فقد كان يتحدث الهولندية في المنزل، ولم يتعلّم الإنجليزية إلا بعد دخوله المدرسة، وكان مقرّباً جداً من الرئيس، اندرو جاكسون، الذي يعتبر من أفضل عشرة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، وقد ساعده جاكسون في مسيرته السياسية، بحكم شعبيته الجارفة وإنجازاته الكبيرة.
تاريخ هذا الرئيس السياسي دسم للغاية، فقد تقلَّد الكثير من المناصب، إما بالانتخاب أو الترشيح، فقد بدأت مسيرته، عندما انتخب لمجلس شيوخ ولاية نيويورك، ثم بعدها أصبح وزيراً للعدل في ذات الولاية، وبعد ذلك تم انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ الفيدرالي، ثم انتخب حاكماً لولاية نيويورك، وبعد ذلك تسنَّم منصب وزير الخارجية، مرشحاً من الرئيس اندرو جاكسون، ثم أصبح سفيراً لأمريكا لدى بلاط سينت جيمس، أي بريطانيا العظمى، ثم اختاره الرئيس جاكسون نائباً له، خلال فترته الرئاسية الثانية، وبعد أن غادر جاكسون البيت الأبيض، انتخب مارتن فان بورين رئيساً في عام 1836، وقد رفض فكرة ضم ولاية تكساس إلى الولايات المتحدة، واستمر في ممارسة سياسة إبعاد الهنود الحمر من أراضيهم، ولأن الاقتصاد لم يكن على ما يرام، فقد خسر معركة إعادة الانتخاب في عام 1840، ولكنه لم ييأس، إذ ترشح للرئاسة أكثر من مرة، ولكنه لم يتمكّن من الفوز، ويحسب له أنه كان من مناصري إلغاء الرق، ولذا دعم الرئيس الجمهوري لينكولن، رغم أنه أهم أركان الحزب الديمقراطي، ورغم ذلك، فقد صنفه المؤرِّخون في الوسط، أو في أدنى الوسط، إن شئنا الدقة، وكذا صنفته الاستطلاعات الشعبية، وهذا في تقديري تصنيف منصف!