د.ثريا العريض
جوارنا القريب والبعيد يفور بأخبار المظاهرات والهتافات وردود فعل السلطات والجماهير المحلية والخارجية التي تتابع ما يجري. وفي مثل هذه الأوقات المضطربة والمتسارعة المفاجئات يتعطش المتابع لمعرفة الأخبار ويهمه جدا أن يثق بما يصله منها, سواء كان المتابع في الداخل أو الخارج, مواطنا أو أجنبيا.
ولأن منطقة الخليج تستضيف ملايين القادمين للعمل من أوطانهم الأم شرقا وغربا حيث لا يتكلمون العربية ويعتمدون غالبا على اللغة الإنجليزية, فإن التواصل المباشر مع العالم الخارجي ضرورة ماسة لطمأنتهم وتوضيح ما يستجد من أحداث محلية دون أن تستغلها جهات أخرى لتشويه سمعة البلد أو التشكيك في قدرة مواقع عملهم على المحافظة على الأمن بما في ذلك حماية العاملين وحقوقهم.
خاصة وأننا في زمن اضطرابات وصراعات ملتهبة في بعض الجوار العربي, أستنتج جازمة أننا في حاجة ماسّة إلى فضائية عربية الانتماء ناطقة باللغة الإنجليزية تنقل للمتابع أخبارنا بحيادية ومصداقية مهنية. ومهم ألا تنجرف إلى الخطابية المعتادة أو التأجيج المستجد, بل تتوخى المحافظة على احترام المتلقي لها ولمهنية تعاملها مع الأخبار والتحليلات, فحين يفقد المتلقي احترامه لناقل الخبر وثقته به, يفقد أيضا احترامه لكل ما يصدر عنه.
نحن ندرك أننا نحارب شتى أنواع الإرهاب, وندافع عن أمننا وسيادتنا سياسيا واقتصاديا, مقابل آلة إعلامية حاشدة وموجهة من جبهات متعددة الأذرعة ومكبرات الصوت, لا تهمها الحقيقة بل خدمة أغراضها الذاتية: منها الكارهة للعرب أو المسلمين, والحاقدة على الخليجيين, والمسخرة كأبواق لأنظمة توسعية كإيران وتركيا هدفها الهيمنة سياسيا واقتصاديا على دول ذات سيادة. وأسوأ مثال هي قناة الجزيرة القطرية التي انحدرت إلى مستوى قياسي حتى أن من تستضيفهم على منصاتها يرفضون أسلوب مقابلاتها الملغمة بمعلومات مغلوطة ضد دول المقاطعة. واضح أن هدفها أن ينفعل المتلقي سلبيا, لأن طريقة عرض الأخبار وانتقاء الصور والتسجيلات معدة للتأجيج وليس لاستعراض إعلامي حيادي لتفاصيل الأخبار. أجد أي متابع محقا في الانزعاج من أي مصدر حين يفتقد الحياد. وأي إعلامي ممارس عليه أن يحقق التوازن ملتزما بالدقة في إجابة أي سؤال بحيث لا تتضارب فيه مصداقية المواطن العليم, بواجب الالتزام بمسؤولية الناطق الرسمي. وليس الجميع يحسنون التوازن على حبل دقيق بين حسن التعبير والمصداقية. لا نحتاج فقط فضائية خليجية تنقل رؤيتنا إلى المتلقي في الخارج بلغة عالمية بل يجب أن تكون أيضا متزنة لتحقق الموثوقية.
ونصيحتي للقنوات غير المحلية التي تتكلم العربية, وتتناول ما يستجد عندنا, خاصة تلك التي بنت سمعة عالمية على مدى عقود طويلة, أن تنتبه لما يحدث الآن من فقدانها مصداقيتها حيث يلاحظ المتابع تواصل الانحياز المستمر كما يحدث الآن مثلا في البي بي سي العربية. لابد أن يكون لنا صوتنا في الخارج بلغة تجذب الآخرين على الإصغاء والاحترام والوثوق بما ينقل لهم متأكدين أنه ليس من متصيد في الماء العكر.