رجاء العتيبي
أثارت تغريدة سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود الخميس الماضي ردود أفعال إيجابية عندما قال: «إن الموسيقى والمسرح والفنون في تعليمنا»، وتفاعل معها معالي وزير التعليم د. حمد آل الشيخ مؤكدا أن الفنون ستكون في التعليم، نتيجة اجتماع جمعهما ببعض, وبهاتين التغريدتين تتفق الوزارتان: التعليم والثقافة ولأول مرة على اتجاه واحد فيما يتعلق بالفنون وتحديدا في الموسيقى.
وعلق أحد المغردين ببيت شعر بهذه المناسبة قائلا:
«وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن ألا تلاقيا»
وهذا أقرب وصف يمكن أن يوصف به علاقة التعليم بالثقافة, كانت الوزارتان سابقا كل منهما تسير في خط آخر غير الأخرى, خطان مستقيمان لم يلتقيا يوما سوى الخميس الماضي كتاريخ مفصلي لا ينسى.
هذا الالتقاء التاريخي جاء بوجود رؤية السعودية 2030, رؤية وطن، رؤية دولة, وليس رؤية أحزاب وطوائف واتجاهات فكرية متناحرة, فلابد للمؤسسات الثقافية والتربوية أن تعمل كمنظومة واحدة تدعم كلتاهما الأخرى, باتجاه تأسيس مجتمع موحد (وحدة وطنية) تجعل من وطننا أقدر على المنافسة وأقدر على التجدد وأقدر على إنتاج المعرفة والفن والثقافة.
إذا عرفنا أن برنامج (جودة الحياة) هو أحد أهم برامج الرؤية السعودية 2030 فليس ما يمنع من تطبيق خططه وإستراتيجياته بهدف الارتقاء بالمدن السعودية لتكون من أهم مدن العالم (قابلية) للعيش, فلا مجال للتناحر والجدل والاختلاف.
جودة الحياة تؤكد على قسمين (نمط الحياة) و(قابلية العيش) بما يحملانه من برامج فرعية (الثقافة والفنون، الرياضة، الترفيه, الترويح, المشاركة المجتمعية) و(الفرص الاقتصادية والتعليمية, الرعاية الصحية, النقل, الأمن الاجتماعي, السكن والتصميم الحضري).
بمعنى أن مبادرة الوزيرين لم تأت نتيجة ردود أفعال, وليست موجهة ضد أحد, وإنما تطبيقا لرؤية السعودية فيما يتعلق بجودة الحياة, وبهدف أن تكون المدن السعودية من أفضل مدن العالم قابلية للعيش للمواطن والمقيم والسائح والمستثمر, وهذا لا يجيء إلا عندما تكون عناصر جودة الحياة في أفضل حالاتها.
علينا قبل أن نتحفظ أو نعترض أو نتعجب على هاتين المبادرتين أن نقرأ رؤية السعودية 2030 بشكل جيد بعيدا عن الأحكام المسبقة, علينا أن نتصفح بنودها ونقارنها بما تم إنجازه وما هو في الطريق للتطبيق, سنرى أن مجتمعا متعددا/ متنوعا يلوح في الأفق لا وصاية لأحد عليه, سوى القانون (النيابة العامة) التي توقف كل من حاد عن الطريق الصحيحة, مجتمعا وسطيا يعرف الخطوط الحمر دينيا واجتماعيا وسياسيا من تلقاء نفسه, مجتمعا يعمل بحب وسلام، متصالحا مع نفسه ومع حكومته ومع الآخرين, ثروة بشرية تجدد باستمرار فاعلة محليا وإقليميا وعالميا.