د. أحمد الفراج
نواصل سرد سيرة رؤساء أمريكا، وتوشك رحلتنا على نهايتها، وقد تطرقنا لعدد كبير من الساسة، الذين حكموا الجمهورية الوليدة، والتي أصبحت لاحقاً هي الدولة الأهم والأقوى عالمياً، وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الدافع الأكبر لهذا السرد التاريخي، هو تقييم المؤرِّخين والاستطلاعات الشعبية لهؤلاء الساسة، أي الأفضل والأسوأ وما بينهما، فقد كان منهم زعماء كبار، ومنهم من مرَّ، دون أن يترك أثراً يُذكر، وضيفنا اليوم هو الرئيس، جيمس بولك، الذي ولد في ولاية شمال كارولينا، وعاش في ولاية تينيسي، إذ بعد حصوله على تعليم متقدِّم، مارس المحاماة، والطريف أن معظم الساسة الأمريكيين تكون بداياتهم في المحاماة، وبعد أن نجح في مسيرته القانونية، تم انتخابه في كونجرس الولاية، ثم انتخب عضواً في مجلس النواب الفيدرالي، وبعد مسيرة متميزة، أصبح رئيساً للمجلس، وهو الموقع الذي تتسنّمه هذه الأيام، الديمقراطية نانسي بيلوسي، الخصم الشرس للرئيس ترمب.
ترشح بولك للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، في عام 1844، واعتبر الحصان الأسود، وبعد أن فاز بترشيح الحزب، هزم هنري كلي، وأصبح رئيساً، ويتفق المؤرِّخون على أنه كان أفضل رؤساء فترة ما قبل الحرب الأهلية، كما يتفقون على أنه تميز عن غيره بأنه نفَّّذ كل وعوده، التي وعد بها قبل انتخابه، ولعلي أقول هنا إنه يذكِّرنا بالرئيس ترمب، فأولوية ترمب كانت، ولا تزال، هي تنفيذ وعوده للناخبين، دون أن يكترث بردود الفعل، وهذا ليس مستغرباً، فالرئيس بولك ينتمي لمدرسة الرئيس، اندرو جاكسون، أحد أفضل عشرة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، وجاكسون هو الزعيم الملهم لترمب، والذي يعلق صورته فوق مكتبه! وقد كانت له إنجازات كبرى داخلياً وخارجياً، فقد خاض الحرب مع المكسيك وانتصر بها، واستطاع ضم ولايتي تكساس وأوريجن، علاوة على إصلاحات اقتصادية، كما عقد اتفاقيات مع دول عظمى، ورغم كل ذلك، لم يحظ بالتصنيف ضمن أفضل عشرة رؤساء، إذ يصنفه المؤرِّخون والاستطلاعات الشعبية في أعلى قائمة الوسط، قريباً من العشرة الأفضل، دون أن يكون واحداً منهم!