د. محمد بن عبدالله آل عبداللطيف
لم يكن الغرب يومًا ما صديقًا لشعوب العالم الثالث، وعلى وجه الخصوص الشعوب العربية، واستندت علاقاته مع هذه الشعوب دومًا على نظرة استعمارية متوارثة تحوّلت لسياسة نفعية بحتة لا تعرف الأخلاق بل تعرف المصالح فقط. واستندت سياسة الغرب في منطقتنا لسياسة إذكاء الصراعات بأي وسيلة واستغلال الأيديولوجيات والأحقاد التاريخية، خاصة الدينية، لإذكاء الصراعات بين هذه الشعوب.
والجميع يعرف كيف منحت فرنسا الحماية الخاصة لآية الله خميني، وكيف عاد لإيران على طائرة فرنسية خاصة ليحكمها بالنار فيما بعد ويؤسس فيها نظاماً شيعي السبغة فارسي العمق، يعيث فسادًا في المنطقة، ويدفعها للتخلف قرونًا عديدة. وكان الأهم بالنسبة للغرب هو إشعال حروب يصعب إيقافها تحول مدخرات الدول الطامحة للنمو إلى أموال تتدفق للغرب عوضًا عن التنمية التي تفتقر إليها المنطقة. وقد دعم الغرب كافة التوجهات المتخلفة في منطقتنا من الإخوان المسلمين إلى القاعدة وداعش.
واستندت خطة الغرب لضرب الدول الإسلامية على محورين: الأول، والهدف النهائي منها هو سلامة وتقوية نفوذ إسرائيل واليهود في الغرب وإضعاف أو تقويض النفوذ الإسلامي السياسي المتنامي في أوروبا وأمريكا نتيجة لتزايد المسلمين المهاجرين في الأولى، واعتناق كثير من السود للإسلام في الثانية، وتنامي وعيهم السياسي واندفاعهم للتصويت. ولذا تم تدبير أحداث 11 سبتمبر وإحاطتها بتعبئة غير مسبوقة ضد الدول الإسلامية، وتجريد المسلمين الغربيين من حقوقهم السياسية. فبعد هذه الأحداث تم حصار المسلمين في هذه الدول وتحطيم نفوذهم السياسي المتنامي كليًا. وهناك معلومات عن أن سيناريو أحداث 11 سبتمبر كان أساسًا مخططًا استخباريًا قديمًا صمم لمهاجمة كوبا وتدميرها واستعمارها بشكل مباشر.
المحور الثاني، الأخطر والأقذر، هو تدمير الإسلام السني المحيط بإسرائيل مباشرة في الدول العربية، وهذا الدور هو الذي أوكل لإيران واتفق عليه بعد نهاية غزو العراق في زيارة لخامنئي للسفارة الأمريكية في العراق بعد نهاية الحرب، وبموجبه تم تسليم العراق بالكامل لإيران عبر متطرفي حزب الدعوة الذي يمتلئ بعضهم حقدًا على السنة يتجاوز كل وصف لأسباب أيديولوجية، وهذا لم يكن محض صدفة أو نتيجة فراغ سياسي.
الدور القذر المناط بإيران، هو التدمير الشامل للسنة، قتلاً وتعذيبًا وتشريدًا، وهو دور لم يكن الرأي العام في أمريكا وأوربا أن يقبل به لبشاعته، لذا ترك لإيران وأعوانها. ومن هنا أتت أيديولوجيات اجتثاث البعث، والتي تعني فعليًا القضاء على السنة في العراق، والانتقام للحسين بإعلان حرب شاملة على السنة كنواصب وأحفاد يزيد. ومنها أيضًا مجزرة سبايكر وسيطرة داعش على تكريت بأسلحة للجيش العراقي منحها المالكي لهم، وجلب ما يزيد على 15 ألف مقاتل إسلامي من الغرب بعضهم عاد للغرب والضحية كانت قتل وتهجير ما يزيد على 15 مليون مسلم سني من العراق وسوريا، وهذا هو الدور القذر الذي قامت به إيران نيابة عن الغرب ولمصلحة إسرائيل وتحت شعار الاستعداد لتحرير القدس. وكان استقبال دول أوروبية للاجئين من سوريا والعراق تشجيع غير مباشر لهم على الهجرة.
حكومة الملالي تواجدت مع أمريكا بكل سلام على أرض العراق، وهناك حرص من دول غربية كفرنسا، وألمانيا وبريطانيا على سلامة اقتصاد إيران، وما الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما بهندسة من جون كيري واللوبي الإيراني إلا تغطية لموقف أمريكي مشابه من إيران. هجر السنة وبقي الأسد، دمر السنة في العراق على مرمى نظر القوات الأمريكية، والمستفيدة إسرائيل ومنفذ هذا المهمة القذرة إيران.
بينما الغرب يدعي أنه ضد امتداد نفوذ إيران في المنطقة يتباكى على الحوثي في اليمن ويكيل للتحالف ضده وللشرعية كافة التهم، بل ويعترف بحكومة الحوثي الانقلابية ويرسل مبعوث أممي بدور مشبوه لإنقاذه كل مرة. يقول إنه ضد صورايخ إيران علنًا ويزودها بالتقنيات لتطويرها سرًا.
الغرب يرى في إيران بلطجي المنطقة ومنفذ سياسته القذرة، بقرةً حلوباً، ولذا تجاهل تمامًا في إعلامه الانتفاضات المختلفة في العراق ولبنان ولم يلعلع ويولول كعادته بحقوق الإنسان حيال انتفاضة الشيعة ذاتهم ضد طغيان وفجور النظام الإيراني. وكلما ازداد وعي وإدراك شعوب المنطقة زادت معها تعقيدات ألاعيب الغرب في المنطقة. فإيران هي رجل المهمات الغربية القذرة في الدول العربية، وهي خادم إسرائيل الحقيقي الأول في المنطقة، ومن باب فهم هذا الدور نستطيع فك طلاسم ما يجري في منطقتنا. ولا بد من الإشادة بوعي الأحرار العرب من شيعة إيران لإدراك هذا الدور ولو متأخرًا، واللعبة على ما يبدو ما زالت في دور التسخين وسيكون اللعب الحقيقي في عقر الدار الإيرانية على ما أعتقد عندما يعي شيعة إيران الأحرار أنفسهم دور حكومة ملاليهم القذر.