عمر إبراهيم الرشيد
تبلغ الفجوة الزمنية بين العالم الثالث الذي مازلنا جزءاً منه والعالم الأول المتمثل في أمريكا والدول الغربية وبعض الشرقية مئتي سنة، أي أننا نظرياً بحاجة إلى مئتي سنة حتى نصل للمستوى العلمي والتقني والصناعي الذي لديهم، إنما هل سيبقى مستواهم كما هو الآن في ذاك الوقت حتى نتساوى معهم؟. هذا في علم وتقدير العزيز الحكيم، فالحضارات دورات من الصعود والهبوط، والأمة العربية على فراش المرض لكنها لم تمت، بل وبوادر النهوض تعطي إشارات هنا وهناك لمن ينظر من شرفة التأمل، والنقد البناء وعي وتحضر، أما جلد الذات والتقليل من الإنجازات في أي مجال فضعف وقلة ثقة في النفس.
والحضارات والدول كبيرها وصغيرها تتبادل المنافع على مر التاريخ، ولنتخيل دولة بلا موارد طبيعية كاليابان لو أنها عجزت عن استيراد المواد الأساسية لصناعاتها فإنها حتماً ستنهار اقتصادياً في فترة وجيزة.
يشكل النظام الجديد للجامعات وبما تضمنه من السماح للجامعات الأجنبية بفتح فروع لها في المملكة نقلة علمية وثقافية، سوف تؤتي فوائد اقتصادية وتنموية للمملكة وتفتح أفقاً جديداً في رأيي طال انتظاره. ذلك أن جامعات عالمية عريقة خرجت وما تزال قادة في المجالات العلمية والطبية والاقتصادية والسياسية، وتلك الجامعات لها معايير وتقاليد أكاديمية صارمة لكنها أيضا تتوفر على مرونة وتعتمد على مهارات وشخصية الطالب وجهده حتى الاجتماعي، لا على مناهج جامدة أو محاضرات وحسب، إلى جانب البحوث الجادة التي هي معين تلك الجامعات وقلبها النابض. وكمثال على المرونة وتكافؤ الفرص للجميع، فإنك تجد بين طلبتها من تجاوز الستين والسبعين الذين عادوا لمقاعد الدراسة حباً في زيادة علومهم ومعارفهم، وهو مالا نجده في جامعاتنا. لا عيب في البدء من حيث انتهى الآخرون فهذا عين العقل، فلا أسوأ من إعادة اختراع العجلة الذي أهدر الموارد والوقت وأضاع الفرص الثمينة!. لا أقول إن جامعاتهم حسنة وجامعاتنا سيئة فالألوان ليست أسود أو أبيض وحسب، لدينا جامعات حققت مكانة مرموقة ولا تزال تسعى للتطوير ومعروفة بقوتها الأكاديمية مثل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مثالا لا حصراً، مع بقية جامعاتنا التي تشهد تطويراً وتغييراً كما حدث مع نظام الجامعات الجديد، فالمسألة تكاملية في رأيي لأن الجامعات الأجنبية سوف تستفيد كذلك من المجتمع السعودي وكوادره واستعداد الطلبة والطالبات السعوديين الفطري للابتكار والتميز، وسوف تتبادل مع الجامعات السعودية خبراتها كل من جهتها وبهذا نسرع قطار التنمية في وطننا العزيز بمشيئة الله، تحية لكم طيبة.